فاصلة:
«حتى في المسرح فإن متعة الضحك ليست متعة خالصة، إنها ليست متعة جمالية بحتة، إذ تختلط بها أفكار اجتماعية لذا تقترب الكوميديا من الحياة الواقعية أكثر مما تفعل التراجيديا»
- «هنري برجسون»، كتاب الضحك -
سأظل أكتب بإيجابية عن برنامج «واي فاي» كما كتبت من قبل عن «طاش ما طاش» بإيجابية، فالنقد لا يعني مطلقاً إزهاق جهود بُذلت في برنامج كوميدي لأجل تفريغ مشاعر الجمهور السلبية.
لست ناقدة فنية لكنني مشاهدة يعجبني أن أجد شباباً سعوديين يحاولون تقديم كوميديا في مجتمع لا يفرّق بين السخرية والتجريح لأنه لم يعتد على أن يكاشف نفسه بأخطائه.
الكوميديا ليست وسيلة إضحاك فقط، بل إنها أصعب من الدراما لأنها تخاطب العقل وليس العاطفة.
يمكنك أن تبكي لمشهد حزين لكنك لن تضحك دون أن تفهم ولذلك كانت الكوميديا كفن أصعب من الدراما في إتقانها.
دعوني أعترف بأن جزءاً من برنامج «واي فاي» لا يعجبني واعتبره تهريجاً لكن الكوميديا أنواع: كوميديا السلوك، الطباع، المواقف، وهناك في المقابل كوميديا التهريج أو الفارس والسينما الصامتة كأفلام شارلي شابلن وأفلام الكرتون مثل توم وجيري
لذلك لا يمكن أن أحكم على ما لا يعجبني بأنه غير صحيح مهنياً، فاستقبالنا لأي مادة إعلامية يتوقف على قناعاتنا وقيمنا الخاصة.
ليست الفكرة أن امتدح البرنامج لأنه يعجبني أو أذمه لأنه لا يعجبني.
الفكرة الأساسية في رأيي ما الذي قدَّمه هذا العمل على مدى ثلاث سنوات؟
وكيف استطاع أن يحصل على أعلى نسبة مشاهدة خليجياً وعربياً ضمن استطلاعات «ابسوس»
بما أن هناك جهداً مبذولاً ونسبة مشاهدة مرتفعة إذن فالبرنامج يخطو بخطوات تطويرية..
البعض ينتقد فكرة اعتماد النصوص على ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي لكنها تبدو لي مثل الاستناد على أفكار هي كما يقول «مصطفى أمين» على قارعة الطريق إذا اعتمدها البرنامج كإستراتيجية في العمل لا تعني إفلاسه ففي الصحافة المكتوبة يعتمد فن المقالة على التعليق أحياناً على الأخبار.
وبرأيي أن ما يقدّم في برامج مثل «الكيك» أو مواقع مثل «تويتر» و»يوتيوب» هي صحافة مواطن وعليه فإننا بحاجة أن نفهم أكثر كمشاهدين ماذا يحدث في عالم شبكات التواصل الاجتماعي.
هذا العام استطاع البرنامج أن يلفت النظر إلى خطورة التعصب الرياضي في مجتمعنا كما استطاع العام الماضي أن يحطّم قدسية الشخصيات العامة، لنكتشف أننا لم نكن نقدس الشخصيات العامة إلى الدرجة التي لا يسمح فيها بتقليد نمط شخصياتهم، بل إننا نقدس الفرق الرياضية إلى الدرجة التي يمكن أن نرتكب حماقات بحق أنفسنا والآخرين فقط لحماية أنفسنا من النقد.
ولنكتشف أيضاً أن بعض الأجهزة الإعلامية لدينا تتحسس من النقد ولا أعرف كيف يمكن لجهاز إعلامي أن يتحسس من النقد ويعمل في مجال الإعلام الذي لا يمكن أن يستمر بدون نقد؟ هل جعلنا واي فاي نتحسس رؤوسنا هل هي في مكانها الصحيح؟ إذن لنترك «واي فاي» يتنفس ونعطيه مساحة من القبول والتفهم، فالكوميديا في مجتمعنا مثل طفل مشاغب متمرد لو لم نحتوه خسرناه.