كنت أحسب - فيما مضى - أن وجع الذكريات.. لا يعدو عن كونه وجعا نفسيا، ومشاعر حزينة، تعكر مزاجك.. وتكدر صفو أوقاتك.
لم يخطر لي ببال أن ذكرى المواقف الحزينة، يؤلم الجسد إيلاما يضطرك للذهاب للمشفى للتطبب والتداوي.
بل أن بعض الذكريات قد تودي بحياتك.. فذات مساء.. تأهبت للذكريات.. وهبت ليلتي لها... وشرعت في استحضار الأشد إيلاما، منها.
تفرغتُ لها... ففغرتْ فاها، وأفرغتْ كل التفاصيل الموجعة في قلبي، وكأنما أوكلتُ إليها استحضار أرواح من غادروا... وليتها اكتفت، بقسمات وجوههم وملامحهم، وأوقات كانت، جميلة بهم، وبأصوات ضحكاتهم.. بل.. إمعانا منها في إيلامي، سلَطت ذكريات عتابهم، وحنينهم، ورجائهم، وآمالهم المنوطة بي، التي لم يسعفني الوقت.. أو.. لم أجتهد كما يجب.. لإنجازها. عندها.. كدت أموت يا أمي. (شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي).
شعرت بضيق التنفس، بل بضيق الحياة على اتساعها، تسارعتْ نبضات قلبي، فقدتُ الإحساس بكل ما هو جميل. أصابتني يقظة مخيفة، تذكرت كلاما، مرّ كثيرا على مسمعي.. بأن للموت صحوة.
فرحتُ أبحث عن الحياة.. أفتش عن النجاة. أما الذكريات... فمالي ولها.
راحت في حال سبيلها وآلت إلى ما آلت إليه.
أعزائي... نصيحة مجرّب: لا تجددوا الأحزان بذكراها، حاولوا _قدر الإمكان_ الابتعاد عن مواطن الذكريات.. أكثروا من استنشاق الورود، ففيها، تجديد للود مع الحياة... بأي شيء.. اشغلوا الأوقات... حتى تنتهي أوقاتنا في هذه الحياة.... ولعلنا.. برحمة الله.. نلقي من نحب يوم نلقاه.
- علمتني الحياة أن كل شيء قابل للتأجيل... حتى الحزن، والبكاء..
- لا تكترث بمن أحببتهم، وأجمل ما فيك... وهبتهم... فتنكروا لك... وجازوك بالجحود...
تمن لهم السعادة ، نعم... تمن لهم السعادة ...
سنشعر يوما ما أن لا شيء يستحق العداء والعنت والتفكير بالانتقام.
- حينما يحضر الأجل، لا وقت حتى للندم.
إذن... فلنتمنى للجميع السعادة، فتعاسة، حتى الأعداء، لن تضيف لحياتنا شيئا.
يقول أحدهم (الآخرون ليسوا هم الجحيم)
ويقول آخر (يمكن إضاءة ألف شمعة باستخدام شمعة واحدة دون أن يقصّر ذلك من عمرها... مشاركة السعادة مع الناس لا تقلل منها)
آخر الكلام. لـ.. إيليا أبو ماضي
** أحسن وإن لم تجزَ حتى بالثنا
أيَ الجزاء الغيث يبغي إن همى؟