يحضر العيد، لا يتأخر، ولا يأبه بأحزاننا، لا ينتظر حتى أن يحول عليها الحول، وكأنه يذكرنا بقوله تعالى: {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} (62) سورة الأحزاب.
- ما أن بدأت تنهض نفسي من حزنها.... تتكئ على أحزان الآخرين، وتتأسى بهمومهم، إلا وقد جاءت قاصمة الظهر، وثورة العواطف، وذروة الذكريات (العيد).
العيد، هيج المشاعر، وألهب الصدر، وزلزل الصبر.
لم أذكر فيما مضى من غابر أيامي أن عشت العيد دون أمي، كل الأعياد كاملة غير منقوصة، وجه أمي هو العيد، قبلتها الفرح، زيارتها الأنس، حديثها الطمأنينة.
آه يا ليلة العيد (صدري الليلة بهمي ممتلي).
كم من فاقد يتهيب طلوع الفجر، يخشى سياط الذكريات، وفي وقت حسرة القلب، وزحمة الأحزان وتراكمها، يتفادى الاصطدام مع الآخرين... لكنه العيد.
- ثمة أحزان لا يحلو لها الحضور إلا في المناسبات الكبيرة، بحجمها، لتعلن على الملأ خفايا نفوسنا وأوجاعنا ولسان حالنا كما الشاعر الذي يقول:
أبكيتماني وسط صحبي، ولم أكن
أبالي دموع العين لو كنت خاليا
- (تمنيت لو تغني الأماني) أن أقطّع أحزاني في الأسفار، لكن هيهات.
لعل الهم يمضي، والنفس تسلى برؤية العجائب والغرائب.
لك الله يا طرفة بن العبد ما أبلغ قولك:
وإني لأمضي الهم عند احتضاره
بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
- رغم كل شيء، أنتظر أياما جميلة، أحلم بالفرح الغائب.
أخيراً... ليس إلا التسليم والرضى بقضاء الله وقدره، فله الحمد من قبل ومن بعد، ورجاؤنا أن يجمعنا سبحانه وتعالى، مع من نحب، يوم الوعد الحق، في جنة الخلد.
آخر الكلام
أحن إلى الكأس التي شربت بها
وأهوى لمثواها التراب وما ضما