كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول ما يثار من حين لآخر في المحيط الاجتماعي من نعرات وعصبيات وكأنها تشبه ما كان يحصل بين العرب قبل الإسلام، التي أنكرها الدين الحنيف وقضى عليها وحث على عدم إضاعة الوقت بسببها واستبدلها بمبدأ الأخوة ومبدأ العدل والمساواة ومبدأ «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وأورد من النصوص القاطعة ما يدل على ذلك ومنها قول المولى عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وفي السنة الشريفة (دعوها فإنها منتنة)، يقصد عليه الصلاة السلام العصبية وفي السنة المطهرة ورد أيضاً (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية).
فالنص الرباني الذي ورد في الآية الكريمة يجعل الناس على قدم المساواة وأنه لا شيء يفرق بين مسلم وآخر إلا مخافة الله «عز وجل» في كل تصرف يقدم عليه المسلم، سواء كان تصرفاً يخص العلاقة بينه وبين الله «عز وجل» أو يخص العلاقة بينه وبين الناس الآخرين، أما الحديث النبوي الشريف (دعوها فإنها منتنة) فهو يشبه العصبية بالرائحة غير الطيبة، وأما الحديث الآخر (ليس منا من دعا إلى عصبية..) فهو يكاد يخرج دعاة العصبية من الإسلام ومن الأخوة الإسلامية.
وإثارة مثل هذه النعرات والعصبيات في مجتمعنا أمر مستغرب بعد الوعي الذي وصلنا إليه والتقدم الذي حققته المملكة، فكأنها رجوع أو التفاتة للوراء، وجميعنا يدرك بأن الجزيرة العربية نعمت بعد ظهور الإسلام بالمحبة والأخوة والعدالة بعد أن كانت تعيش في حالة تتسم بالجهل والفقر والنهب وقطع الطريق وعدم الأمن والاستقرار والعصبية الجاهلية، واحتل العرب -آنذاك- مكانة بين تلك الأمم بعد أن كانوا محل احتقارها وازدرائها، بل إنهم سادوا العالم بفضل دين الله الخاتم الذي أنزل عليهم، وعندما تراجعت الجزيرة العربية عن مبادئ الإسلام الخالدة وضعف الوازع الديني فيها في مرحلة زمنية مضت ظهرت البدع والخرافات وزادت وتيرة العصبية وانتشرت المظالم والمنازعات، إلى أن هيأ الله لها أسرة آل سعود الكرام بداية بالإمام محمد بن سعود الذي تضامن مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله- على العودة بالناس إلى العقيدة الصحيحة ونبذ البدع والخرافات وتوحيد الناس على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو ما حصل والحمد لله طوال السنين الماضية بعد توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية سنة 1351هـ في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبنائه البررة الذين خلفوه في الحكم إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لكي يكون هذا المسمى دليلاً للوطنية الذي توحد بين الجميع، وهو الأمر الذي ساعد بعد الله -عز وجل- ثم توجيهات القيادة الحكيمة على بناء دولة حديثة ومتطورة، تسود بين أبنائها المحبة والتآخي وتطبق بينهم العدالة والمساواة.
إذا فإن مسمى بلادنا هو هويتنا ووطنيتنا، فكما أن الإسلام الحنيف هو الذي يجمعنا مع إخواننا المسلمين في أنحاء الأرض كافة، فإن هويتنا الوطنية هي التي تجمعنا نحن سكان هذه البلاد، بالإضافة للشريعة الغراء، وهو بطبيعة الحال ما يتطلب منا جميعاً كمواطنين منتمين لهذه الدولة الكريمة الكثير من الالتزامات، ومن ذلك ما يلي:
* إشاعة جو المودة والإخاء والاحترام المتبادل بين المواطنين.
* نبذ كل ما يدعو إلى الفرقة أو إثارة النعرات.
* التعاون بين الجميع لما فيه خير المصلحة العامة للوطن والموطن.
* عدم التعاون مع أعداء الوطن.
* التمسك بالإسلام وحنيفيته السمحة ونبذ التطرف والتشدد.
* أن تكون الهوية الوطنية هي الأساس الذي يجمعنا بعد دين الله القويم ونبذ ما سواها من هويات أخرى.
* تعزيز مبدأ الوطنية بمزيد من العمل المخلص حسب موقع كل مواطن.
* تجاهل من يعمل من بني جلدتنا للإضرار بوحدة هذا الوطن ومواطنيه.
* احترام الأنظمة والتقيد بها لكونها الطريق إلى تطبيق العدلة والمساواة بين جميع المواطنين.
* البعد عن المحسوبية والإقليمية وأن يكون منطق التعامل بين المواطنين هو العدالة والمساواة.
* الولاء والسمع والطاعة للقيادة الحكيمة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-.