نعرف أننا نريد قادة أذكياء، وحاسمين، وقادرون على إجراء تحويلات. ولكن في أحيان كثيرة، نغضّ الطرف عن عنصر هامّ آخر من شأنه أن يحسم النجاح والفشل، يتمثّل بقدرة القائد على الذهاب إلى مدى يفوق إلى حدّ كبير حدود المؤسسة - وبتعبئة شبكات الخبرة الضروريّة - للحصول على دعم في حل المشاكل. واليوم، تتّسم الشركات، والحكومات، والمنظمات غير الحكومية بتعقيدها البالغ، ومن الضروري أن تتحرّك بسرعة كبيرة، حتّى أنّه في حالات كثيرة، تتطّلب الإجابة عن الأسئلة الصعبة قرع أبواب خبراء ومبتكرين مشتّتين في أرجاء العالم.
بات عدد متزايد من المؤسسات يعتمد الآن، بصورة روتينية، على دعم من خارج حدودها، وسط رغبة بملاحقة الابتكار، وحل المشاكل، وتوسيع نطاق المشاريع. وتختلف هذه المبادرات كثيراً عن استعانة الرئيس التنفيذي المعتادة بأصحاب المصالح المختلفين، الذين يكونون عادةً أشخاصاً سبق لهم أن استثمروا في الشركة أو أن جمعهم رابط بها. ويضم الخبراء أحياناً اختصاصيين يعملون لحسابهم الخاص، أو موظّفين من شركات أخرى، وأحياناً أخرى أشخاصاً عاملين في الحكومة أو في المجال الأكاديمي. وبالنتيجة، يحتاج القادة اليوم إلى الخبرة في مجال تطوير العلاقات مع مجموعة متنوّعة من الأشخاص القادمين من الخارج. إلاّ أنّ إنشاء معارف ليس سوى الخطوة الأولى، فالرؤساء التنفيذيّون العمليّون لا يكتفون باستقدام متعاقدين، بل يمارسون القيادة بطريقة تسمح بتعبئة شبكات كاملة. ويستحدثون مجتمعاً وغاية في أوساط أناس لا يملكون أيّ سيطرة عليهم. ولكن ما الطريقة ليقوموا بذلك؟.
غالباً ما يبدأ الأمر بالتواضع. وبالمقارنة مع القادة الذين يسلّطون تركيزهم على الداخل، يرى الرؤساء المعتمدون على التعبئة الخارجيّة حاجة إلى إظهار قدر أكبر بكثير من الاحترام، وفي بعض الأحيان حتّى إذعان لرغبات الأطراف الخارجيين. ولكن لا يمكنهم أن يتصرّفوا بخجل، بل من الضروري أن تُظهِر تصرفاتهم مُهمّةً ووجهةً واضحة. وغالباً ما يدفع التواضع بالرؤساء المقبلين على التعبئة الخارجيّة إلى إظهار مزيد من الإبداع بشأن ما هو ممكن وحول هوية الأشخاص الذين قد يقدّمون مساعدة. وكان نجاح آلان مولالي، الذي سيتنحى عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة «فورد موتورز» في الأول من تموز (يوليو) القادم، في إحداث تغيير في شركة صناعة السيارات، ناتجاً بجزء منه عن العمل باللجوء إلى آراء السلطات التنظيميّة، وأصحاب المصارف الاستثمارية، والباحثين في مجال صناعة السيارات الموجهة للمستهلكين، حتّى أنّ عملية التجديد استفادت من أحاديث جانبيّة جرت مع نظير مولالي في شركة «جنرال إلكتريك».
وأخيراً، يميل الرؤساء التنفيذيون العمليّون عادةَ إلى رصد شبكات تابعة للشبكات الرئيسيّة. والرؤساء الذين اختاروا التعبئة الخارجيّة يعمدون، شأنهم شأن لاعبي شطرنج بارعين، إلى التطّلع بضع خطوات إضافيّة نحو الأمام. ولا يقتصر ذلك على رصد المساهمين في الشبكة القادرين على المساعدة، بل يشمل أيضاً رصد الشبكات الفرعيّة التي يمكن أن تأتي بها كل شبكة. ستتزايد أهمية هذه المهارات في مجال تعيين أشخاص خارجيين وحثّهم على الالتزام بالمؤسسات الكبيرة، ويمنح التقدّم التكنولوجي المستمر الأعمال طابعاً أكثر تعقيداً، وعالميةً، وترابطاً.