أكد لـ«الجزيرة» خبراء ومستثمرون عقاريون استمرار ركود السوق العقاري، كما أنه سيزيد مع دخول شهر رمضان وطوال الإجازة المدرسية، مشيرين إلى أن بعض القطاعات العقارية بدأت في الانخفاض، وأن الأكثر تأثرا في النزول هي الأراضي البيضاء وخاصة تلك العقارات التي هي خارجة عن النطاق العمراني.
وقال الخبير العقاري عباس آل فردان: يمر السوق العقاري بركود واضح هذه الفترة بسبب تصريحات وزارة الإسكان بتوزيع إسكان للمواطنين، مما أدى إلى توقف المستهلك عن الشراء لكي يحصل على سكن ممنوح من الدولة وكذلك الإجازة المدرسية وشهر رمضان المبارك يجعل كلاً من المستثمر والباحث عن السكن بعيداً عن العقار.
وأضاف: نلاحظ نشاطا شرائيا بسيطا في بعض المخططات التي وصلت إلى سعر مناسب حسب وجهة نظر كل من المستثمر والباحث عن السكن، ولكن ليست كالقوة الشرائية خلال الفترة الماضية.
وتابع: الإقبال على العقار من قبل الباحث عن السكن شبه متوقف بسبب انتظار تحركات وزارة الإسكان، ولكن فئة بسيطة تبحث عن السكن المناسب لها كقيمة سعرية أو كموقع، إلى جانب توجه سيولة لا بأس بها إلى أسهم الشركات، إذ إن من الملاحظ أنه مع تراجع العقار نجد في المقابل ارتفاع قيمة التداول اليومية في سوق الأسهم، مما يساعد على خلق فرص استثمارية أخرى للمستثمرين ولكن عليهم توخي الحذر وتعلم إستراتيجية التحليل والدخول في التداول الأسهم قبل الدخول فيها.
وبيّن آل فردان أن تراجع العقار مع ظهور الإسكان فيما يقارب بين 30 و40 في المائة في بعض المناطق مثل غرب الدمام وبعض الضواحي وفي بعض المناطق البعيدة عن مناطق السكن مثل الهجر غير المخدومة يزيد على ذلك بنسبة بسيطة.
وأشار آل فردان إلى أن أزمة الإسكان تعاني منها أغلب مناطق المملكة ولها أسباب كثيرة ولكن نتطرق إلى الأهم منها النمو السكاني الذي أدى إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية وهي لا تستوعب حصيلة الطلب، مبيناً أن المنطقة الشرقية تعاني بكثرة من محجوزات أرامكو إذ لا تستطيع تطوير أي أرض إلا بموافقة أرامكو إن كانت داخل النطاق العمراني أو خارجه، عقبة كبيرة إلى المطورين أو سكان المنطقة بالإضافة إلى احتكار الأراضي من قبل أصحاب رؤوس الأموال أو شركات كبيرة أدت إلى ندرة بعض الأراضي البيضاء ذات المساحات الكبيرة والصغيرة، ومنح الدولة أراضي غير مطورة وغير قابلة للسكن وقت إصدار المنحة لا يستفيد منها إلا المضاربون في العقار، حيث ينبغي على الممنوح أرضا، الانتظار سنوات طويلة إلى أن يطور المخطط، لذا أتمنى أن توزع أراضي مطورة جاهزة للسكن لحل جزء من أزمة السكن.
وقال آل فردان: القرارات التي لا ترى النور من قبل الإسكان أو الأمانة تأخذ فترة طويلة لكي تنفذ أو تصبح في طي الماضي ويجب تفعيل القرارات وقت الإصدار في مدة لا تزيد على 40 يوما لكي يكون القرار على أرض الواقع، مبيناً أن الأكثر نزول في العقار كالعادة هي الأراضي التي تكون خارج النطاق العمراني وكذلك غير المخدومة من بعدها الأراضي التي تكون على أطراف المناطق السكنية.
ويؤكد عبدالله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة الكلام السابق أن أكثر القطاعات العقارية تأثيراً في النزول هي الأراضي البيضاء، خاصة تلك العقارات التي هي خارجة عن النطاق، إضافة إلى عدم وجود أي نوع من أنواع البنية التحتية فيها وعدم وجود مرافق لاسيما تلك المخططات التي أنشأتها الأمانات وأعطتها المواطنين قبل 35 عاما، بدون أن يصلها بنية تحتية، حتى أن مالكيها قاموا ببيعها واتجهوا إلى المستثمرين العقاريين وخضعت للمضاربة العقارية ووصلت إلى أرقام خيالية، لذا أعتقد أنها اليوم تتراجع عن الأسعار التي وصلت إليها بنسبة 30 إلى 35 في المائة.
وأضاف الأحمري: الإعلان أخيرا عن موافقة مجلس الشورى على جباية الزكاة على الأراضي البيضاء أعطى مؤشرا قويا للسوق العقارية وقرع جرس الإنذار على المحتكرين ليقوموا بتطوير عقاراتهم بدلا عن تركها بدون بناء أو تطوير، حيث إن النطاق العمراني يخرج إلى الضواحي وخارج المدن وهذه الأراضي محتكرة داخل النطاق العمراني.
وأكد الأحمري أن ركود السوق العقارية ليست وليدة اليوم إذ إن لها تقريباً عامين وهي تمر بمرحلة ركود ولم يكن فيها تنفيذ مبيعات إلا مبيعات قليلة ونادرة جداً وخاصة تلك العقارات التي يستهدف بها ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون مساكن، وهم الشريحة الكبيرة التي تفوق 60 في المائة من الشعب السعودي، مبيناً أن المطورين وأصحاب الأراضي يرون أن هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب وأن وزارة الإسكان سوف تفشل فشلا ذريعا أن تقوم بالمهمة التي أوكلت إليها من قبل خادم الحرمين الشرفيين في بناء 500 ألف وحدة سكنية لاسيما أنه قد مضى وقت على هذا التوجيه ورصد المبلغ الكبير 250 مليار ريال لبناء هذه الوحدات، ثم تلا ذلك توجيه سامٍ كريم بتحويل الأراضي الموجودة لدى الأمانات أو لدى وزارة الشؤون البلدية والقروية كل ما يتعلق بالمنح والأراضي الحكومية التي تصلح للإسكان أن توجه إلى وزارة الإسكان لوضع البنية التحتية وإعطاء المواطنين أرض وقرض، فحينما صدرت هذه التوجهات تريث المواطنين في الشراء ولم يقدر أحد على الشراء إلا فئة قليلة من أصحاب الملاءة المالية.
وقال الأحمري إن وزارة الإسكان حددت أن أول مشروعاتها سيتم في أواخر هذا العام، ولاحظنا أنه تم تسليم الدفعة الأولى من مشروعات وزارة الإسكان في منطقة جازان وسوف يكون هناك مشروعات سيتم تسليمها تباعاً، والتي تم بدء العمل فيها، وهذا تحدٍّ آخر يبين جدية الوزارة، والذي يضعه كثير من المطورين والمستثمرين في الميزان.
وأضاف: أعتقد أن الوزارة ليس أمامها حل إلا أن تتجه إلى التعاقد مع شركات أجنبية تأتي بعمالتها وعدتها للقيام بهذه المشروعات لأن المطورين والمقاولين السعوديين دائماً يشتكون من عدم وجود عمالة، إضافة إلى أن التكلفة ستكون عالية وتفوق قدرة المواطن في هذه الوحدة التي سوف تسلم له نهاية المطاف ولكن إذا تم الاعتماد على الشركات الأجنبية فسوف يقوم إلى بناء المشروعات وتذهب إلى حال سبيلها بعد أخذ الضمانات والمتابعة الدقيقة من المسؤولين والمختصين في وزارة الإسكان الذين يشرفون على هذه المشروعات بكل دقة متناهية.