لو حاولنا التعبير عن هذه العلاقة المتميزة بين كافة أطياف المجتمع، والتي نراها ليلة دخول هذا الشهر الفضيل، لما وجدنا أفضل من عبارة «النسيج الواحد» كترجمة لهذه المشاعر التي تفيض بين شاب في أقصى الجنوب وشاب في أطراف الشمال، بين فتاة من القصيم وفتاة من السليّل، بين كهل في قرية من الأحساء وكهل في قرية من ينبع.
مشاعر تستظلّ بغيم تلاوة كتابٍ واحدٍ، وبنورِ دعاءٍ مشتركٍ، مهما اختلفت الجغرافيا وتنوعت الينابيع.
إنّ على كل من يحاول أن يمسَّ هذا النسيج، أن يدخل في اشتباكٍ مع مفهومين؛ المفهومُ الأول هو الكتابُ الذي أنزله الله على خاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وهو مَنْ ينتمي لوادٍ مقدسٍ من أودية هذه البلاد التي ستهوي إليه أفئدة المسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها. المفهومُ الثاني هو الاتفاق الجمعي على أن الوحدة هي المصير؛ وحدةُ خدمةِ الحجيج، ومصيرُ رفعةِ الإسلام.
مع ذلك، نحن لسنا بمنأى عن الصراعات الإقليمية والدولية. لقد قدّمنا تضحياتٍ في كل النزاعات، نزاعات العرب مع العرب ونزاعاتهم مع غير العرب.
قدمنا ولا نزال نقدم تضحيات بسبب انخراط فئة من أبنائنا في مصائد التطرف والإرهاب التي تخصص في صناعتها المزايدون على الدين. نحن جزء من هذا العالم، ولسنا مركبات فضائية تحوم فوقه. عانينا وسنعاني من حروب القوى السياسية والعقدية، وسنخرج بحول الله من كل حرب، أكثر إيماناً وأقوى عزيمة.