إنك لا تجني من الشوك العنب، محال أن نجني من البذور السيئة ثمارا جيدة، فقط بذور المحبة والعفو والتسامح وغيرها من البذور الجيدة تنبت الثمار الحلوة، الدين الإسلامي وضع تلك المبادئ العظيمة لتسير عليها البشرية من أجل تأسيس مجتمعات المحبة والسلام، لم يدع إلى الاعتداء وإنما للدفاع عن العرض والنفس والمال، ودعا إلى نشر الدين بالحكمة والموعظة الحسنة لذلك فإن بذور الحقد والكراهية والتحريض على الآخرين لا تطرح إلا أسوأ الثمار.
اليوم عندما نتحدث عن الشباب السعودي الذين تم تجنيدهم لصالح جماعات إرهابية داخل أو خارج الوطن, أو بالتحديد عن الشباب الذين غادروا لسوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول الرازحة تحت نير القصف الذي لا ينقطع تحت شعار الجهاد في سبيل الله وقتال الطغاة وأعداء الدين , وعن آلاف الشباب ممن يجندون للعمل ضد دولتهم ومجتمعهم فإننا نتحدث بالضبط لكل من يعي ويدرك المخاطر الجسيمة التي تحيق بوطننا عن تلك البذور الكريهة التي زرعت من سنوات لبرمجة شباب غر متحمس لا يعرف عن الأهداف الخفية شيئا، بفعل عاطفته الدينية الجياشة لديه استعداد لفعل أي شيء حتى لو ألقى نفسه في النار وهو ما حدث حين تم تصدير الشباب لتلك المواقع الملتهبة فصدمهم الواقع المر وقليل منهم أنقذهم الله بالعودة للوطن ليسجدوا شكرا لله ولينخرطوا في سرد قصص عن مشاهداتهم للفظائع والأحداث المروعة ثم كيف امتدت إليهم الأيدي الحانية لإنقاذهم وإعادتهم لأسرهم سالمين، بذور زرعت الكراهية للآخر والحقد عليه أثمرت عن أحداث صورت الدين والدولة والمجتمع السعودي للعالم بغير الصور الحقيقية، ما الذي يدفع مثلا طالبا سعوديا ليتسلل إلى معبد ياباني ليحطم تماثيله لولا أن هناك من حرضه بدلا من تعليمه لأساليب الدعوة الصحيحة ؟ صحيفة الديلي ميل اتهمت مشايخ الفضاء السعوديين بتحريض البريطانيين على الالتحاق بداعش , وبريطانيا تصدر أمرا عاجلا بمنع أحد شيوخ التحريض على القتال من دخول أراضيها خوفا على البريطانيين من خطره، أجل ماذا نقول ونحن بأنفسنا وعائلاتنا نعيش وسط هذا التحريض الذي لا ينتهي ؟ الزميل داود الشريان طرح أسئلة مهمة وسط عباراته العامية الجميلة عبر برنامجه الثامنة في حلقاته عن التحريض والمحرضين حين قال « العرعور وغيره وش مقعدهم هنا ومن سمح لهم ؟ « وهو بذلك يتحدث عن المشايخ الوافدين وما أكثرهم , وكيف سمح لهم يتحركون في بلادنا بكل أريحية مستغلين علاقاتهم ببعض السعوديين.
نعترف أن بعض شبابنا بحاجة ماسة لتعلم أمور دينهم ولحفظ القرآن وتلاوته, وكذلك للسفر والترفيه، لكن قبل أن نوجههم لتلك المحاضن أليس من المفروض أن نعرف نوعيات من يشرفون عليها في المساجد والجمعيات والدور, وبالذات فكرهم , وهل يمثلون في سلوكهم المنهج الوسطي المعتدل الذي يؤدي في نهاية الأمر لتخريج المواطنين الصالحين النافعين لوطنهم ومن يعكسون صورة المسلم الحقيقية.
أعرف أن في هذه المحاضن من المخلصين والباذلين الكثير لكن للأسف هناك من يتسلل لداخلها لاصطياد الشباب وتحريضهم وزرع بذور الكراهية في نفوسهم وهذا ما يدعو للعناية أكثر بكل مؤسسة تتولى تربية الشباب وتوجيههم وبناء فكرهم بدءاً من المسجد والمدرسة والجامعة فقد دفع الوطن ثمنا باهظا بسبب حالات الغفلة والثقة المفرطة والكرم الزائد عن حده مع بعض الوافدين وحان وقت التصحيح وإبعاد من لا يؤمن خطرهم.