تحيّةُ المجد والخلود يرسلُهَا إليك الشبابُ الرياضيُّ على استحياء -وأنا منهم -.. ونُداري بها خَجَلاً يسْكنُ أعماقَهم.. ففي هذا الزمن وفي هذه اللحظات الداكنة والحائرة المضطربة التي يمرّ بها مَنْ حولهم عبر اتِّجاهاتِ وطنهِم ووطنكم، كنْتَ أكثرهم عطاءً.. أكثرهم حبّاً.. أكثرهم عشقاً لوطنهم ولوطنكم الذي لم يزْهُ لحظةً قدْر زهوِّهِ أنه أنجب إنساناً مثلكم في هذا الزمن الرخو المهزوم.
أنت أيُّها الإنسان.. أنت أيُّها العادل.. أنت أيُّها الهُمَام.. يا من سِرْتَ على خطى والدكم (عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود) - طيّب الله ثراه- مثلك مثل إخوتك الكرام البرّرة الذين ستظلُّ أسماؤُهم محفورةً عبر التاريخ، وستظل الأجيالُ تتغنّى بما حققوه وبما قدَّمُوه وبما أنجزوه، الذين آمنوا بوطنٍ مستقلِّ الإرادة.. حُرِّ الكرامة.. طاهرِ التراب، لقد أعطيتَ دروسك واحداً تلو الآخر.. اصطبغتْ باللون الأبيض والأخضر، والفرحة الغضّة التي تناثرتْ على مساحات الوطن كلها، واختلطتْ مع حباته ورمله، فكانت عقداً من الأزهار طوَّق الأرض التي طالما الفخر كثيراً مما فَعَلْتَ في سبيلها.
سيِّدي خادم الحرمين الشريفين :
أيُّ قلب كبير حملْت بين جوانحك يا مليك العطاء والحبِّ والإنسانية.. أي قلب يا مليكنا الذي نُبَاهي بك.. أعطى كلَّ هذا الحب.. كلَّ هذا العشق.. وكلَّ كلَّ هذا الحب.. أي قلب هذا الذي زفَّك إلى تحقيق طموحاتِنا وأملِنَا وآمالنا - نحن الشباب - كُنْتَ فيه أحلى عريس في أروع زفّة.. عُرْسٌ باركَهُ دورُك ومسؤوليتُك والتزامُك.. وَجَذَلتْ به قلوب كل شباب وطنك.
إنّه عُرْسُ القرار يا خير من يُصّدِّرُ القرار.. عُرْس الشباب.. عُرْسُ الرياضيين.. عُرْسُ المجدِ والفخر.. به أعلنْت أنَّ الوطن - حفظه الله وسدَّد على طريق الخير خطاه- يصنعُ الإنجاز، ويكتبُ التاريخ، ويبني المستقبل على قواعدَ راسخة، ويقدِّمُ دروساً عملية في مبادراتِهِ الخلّاقة التي لم تتوقفْ عند قطاعٍ بعينه، سياسياً كان أو رياضياً أو اقتصادياً أو تربوياً أو ثقافياً.
سيِّدي خادم الحرمين الشريفين:
إنَّنَا نؤكِّدُ أنَّ أمركم الكريم -يرعاكم الله - بإنشاءِ أحدَ عشرَ استاداً رياضياً على أعلى المواصفاتَ والمعاييرِ العالمية على غرار ما تمَّ إنجازُهُ - ولله الحمد- في مدينة الملك عبدالله الرياضية في مدينة جدة، لم يكن إلّا مِنْ مشهدِ الخير الذي عبَّر عنه مقامُكُم الكريم في كلمتِكُم الكريمة وَقْتَ تسلُّمِكُم للكرةِ المضيئةِ أثناءَ تدشينكم استاد الجوهرة في جدة بقولكم: «أبارك هذه الدعوة لافتتاح المدينة الرياضية للشعب السعودي، وهم أبنائي وإخواني ويستحقون أكثر من ذلك لأنكم وأجدادكم الأولين من عمروا هذه البلاد». وهو القولُ الذي سَمِعَهُ وانتشرَ في كُلِّ أرجاءِ الوطنِ من جهاته الأربع. والذي كان يَتَّسِعُ غصّة ووجعاً في قلوب تلك الأفاعي القابعة في قواقع قِصَرِ النَّظَر وقلَّة الإدراك!!
سيِّدي خادم الحرمين الشريفين:
حُقَّ لنا - شباب المملكة العربية السعودية - أنْ نفخر، وأن نتباهى، وأنْ نرفع رؤوسَنَا بين شعوبِ الأرض، كيف لا؟! وقد حلّتْ رِكَابَ اهتمَامَاتِكم الرياضية والشبابية في وطنِنَا، وانْتَشقتْ عبيرَ عِطْرِهِ مُدُنُ ومحافظاتُ مملكتنا بكافة أرجائها، وتمتَّعت برؤيتِهَا أعيُنُنَا، ذلكم الاهتمامات التي تَنْبُعُ من إيمانِ مقامكم الكريم بأنَّنا عمادُ المستقبل وبُنَاة الوطن وركيزةٌ أساسيةٌ في التنميةِ الشاملةِ للوطن الغالي بقيادتكم الكريمة، لذلك وَجَدْنَا أنّ السنواتِ الماضية حَرِصْتُم فيها على قِطَاعِ الرياضة والشباب واهتمامكم به منْ خلالِ اعتمادِكُمُ العديدَ من المُنْشآت الرياضية التي تمَّ اعتمادُهَا في شتّى مناطق المملكة. وتكريمِ إخوانِنَا نجومِنَا الأبطال الذين حقَّقُوا العديدَ من الإنجازاتِ في مشاركاتهم الخارجيةِ وتتويجِ الأبطال والمشاركة معهم في الأفراحِ والمناسبات المحليَّةِ والخارجية والاحتفاء بهم. وَوَاصَلْتُمْ دعْمَكُم السخيُّ لرياضةِ الوطنِ بتقديم 446 مليون ريال شملتْ 153 نادياً، كما أُنْشِئ في عهدكِمُ الميمون العديد مِنَ المُدُنِ الرياضية حتى وصل عددُها إلى 15 مدينةً رياضة، وأنشأْتُم أكبرَ مدينةٍ رياضية في الشرق الأوسط أُطْلِقَ عليها مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز على مساحة تسعة ملايين متر مربع، وأصدَرْتُمْ - حفظكم الله- أمرَكُم السامي بإنشاء خمسة أندية رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة ليصل العدد إلى 12 مركزًا في جميع مناطق المملكة. وإنشاء مقر لنادي الفروسية وصندوق رياضي نظير الإنجازات التي تحقَّقَتْ على الصعيد العالمي.
سيِّدي خادم الحرمين الشريفين:
أيُّها الحبيب.. والمصلح.. ماذا فَعَلْتَ بنا؟! فينا فجَّرْتَ مشاعرَ خبيئةٍ كُنَّا نظنُّ أنها وُئِدْت.. وكُنَّا نظنُّ أنَّنَا أعجز في استحضارِهَا حتى على دويِّ الأنباء والأخبار.. ففي الأعماق أسْكَنَهَا الواقعُ هنا وهناك.. وَجِئْتَ أنت ومضة ضوء في ليلٍ معتم.. ضوء نصاعة الضمير وفِعْلِ البناء وجودةِ الأداءِ والعطاء.. هل تعلم أَيُّها المليك العظيم أيّ صدى تجاوبٍ في أعماقِنَا لأفعالِك.. مَعَهَا أحسَسْنا الارتباطَ بالأرض، وأنّ صوتَ فعلِكَ ينبئُ بالإصرارِ على تحقيقِ الأَمَلِ والأماني.. وأنَّ خطواتٍ مِنْ تحتها ستعْلُو وتدفعُ بهذا الوطن الكبير (المملكة العربية السعودية) إلى الأمام.. وسُتَرَسٍّخُ للرياضةِ السعودية - إن شاء الله تعالى- زَمَنَاً جميلاً تسيَّدتْ فيه وَسَادَتْ وتميَّزتْ فيه.. وتُبَوِّأُ القطاعَ الشبابيَّ والرياضيَّ مكانَةً مرموقةٌ تجعلُهُ بإذنِ الله تعالى يُحّلِّقُ في سماءِ الإبداع.. وتَنْشُرُ إشعاعاً في الجُهْدِ والتفكيرِ بما فيه خَيْرُ الوطن.
سيِّدي خادم الحرمين الشريفين:
نعلمُ أنَّ شكرَنَا لمقامِكُمُ الكريم لا يَسَعُهُ إعلان، ولا تكفيهِ مَسَاحَة، ولكنَّهُ هو الدعاءُ الصادقُ بأنْ يجعلَكُم اللهُ نِبْرَاسَاً عالياً يضيءُ جنباتِ العالم، وأَنْ يُبَارك الله فيكم وفي عملِكُم، ويَمُدَّ اللهُ في عُمُرِكُم، ويعظم عزَّكم، ويعلي قَدْرَكم، ويتمَّ عليكم صحتكم وعافيتكم. وأنْ يشُدَّ أَزْرَكُم بوليِّ عهدِكم البارّ، ووليِّ وليِّ عَهْدِكم الأمين، وأنْ يَدْرَأ كَيْدَ الكائِدين، وَحَسَدَ المُغْرضين، وتَكَالُبَ المتحزِّبين المؤلِّبين. وَأَنْ يديمَ على هذا الوطن أَمْنَهُ وتضامُنَهُ وَوَحْدَةَ صّفِّه.