لا يخفى على أحد مقدار المعاناة التي يعانيها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة في جميع نواحي الحياة، فهي معاناة مستمرة داخل المنزل أو في البيئة الخارجية، نظراً لصعوبة التنقل والنقص الهائل في تجهيزات الوصول والخدمات المساعدة، ولعل الجانب المهم هنا هو أن هؤلاء الأشخاص سواء أكانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولا بد من عدم تجاهلهم أو عدم الاهتمام بمتطلباتهم واحتياجاتهم.
وبالرغم من قلة الاهتمام بهذه الفئة في كثير من جوانب الحياة الأساسية، إلا أن هناك توجهاً من قِبل بعض الأندية الرياضية للاهتمام بهم ومراعاتهم عبر تقديم الخدمات الرياضية والنشاط الترفيهي لهم وفق الإمكانات المتاحة والتسهيلات التي يتم تخصيصها لهم في مقار تلك الأندية، ويتم ذلك من خلال الفعاليات الصيفية التي تقام بالأندية ذات الاهتمام بتلك الفئة بصورة خاصة.
فما قام به نادي الشباب ممثلاً في إدارة المسؤولية الاجتماعية بتنظيم فعاليات المركز الصيفي لذوي الاحتياجات الخاصة بمقر النادي للعام الثامن على التوالي بمشاركة ما يزيد على 140 مشاركاً من مختلف الإعاقات، ويهدف المركز الصيفي من خلال تقديمه لتلك البرامج إلى صقل مواهبهم وتعزيز قدرتهم وتفاعلهم عبر الأنشطة الرياضية الخاصة، كذلك يتم عقد العديد من الدورات التدريبية الرياضية لهم، بحيث يتم استثمار أوقات فراغهم بأنشطة وبرامج متنوعة وهادفة يقدمها عددٌ من الأخصائيين المؤهلين للتعامل مع هذه الفئات.
كذلك ما قامت به إدارة نادي الهلال من تنظيم فعاليات ملتقى الهلال الأول لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يستهدف بصورة خاصة ذوي الإعاقة الحركية والبصرية بالتعاون مع جمعية الإعاقة الحركية للكبار، بالإضافة إلى جمعية المكفوفين الخيرية بالرياض - كفيف -، ويأتي هذا الملتقى ضمن أنشطة النادي في مجال المسؤولية الاجتماعية والتوجه نحو المجتمع، خصوصاً للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف إعاقاتهم ويشمل فعاليات ثقافية ورياضية وترفيهية.
ويمكننا القول إن توجه إدارات تلك الأندية يُعتبر خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح نحو المجتمع وهذه الفئة بالذات، فالأشخاص ذوو الإعاقة جزء ومكون أساس من مكونات المجتمع وجميعنا نشترك في مسؤولية تقديم الخدمات اللازمة لهم وفق الإمكانات المتاحة، ومع قلة الأندية التي قامت بعمل مراكز صيفية خاصة بهم إلا أن هذه البادرة تُعتبر مؤشراً جيداً على استشعار أهمية مثل هذه الأنشطة ودورها الفعّال سواء على المستوى الفردي للمعاق أو على عائلته بشكل عام.
صحيح أن مثل هذه المبادرات لها أثرها وبكل تأكيد ستساهم ولو بصورة جزئية ولشريحة محدودة من ذوي الاحتياجات الخاصة تنمي مهاراتهم وتخلق جواً من الترفيه والمتعة لديهم، إلا أنها وللأسف تبقى مبادرات مبنية على حسب الإمكانات المتاحة بتلك الأندية والتي غالباً ما تكون بسيطة ولفترة محدودة فقط.
إذ لا بد من أن يكون هناك تحركٌ على مستوى الجهة الإشرافية على الأندية الرياضية، وهي الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي يتحتم عليه دعم جميع الأندية الرياضية والتي يفوق عددها المائة وخمسين نادياً بحيث يتم عمل فعاليات بصورة مستمرة على مدار العام تشمل جميع فئات الإعاقة في مقار تلك الأندية.
ويشتمل ذلك الدعم على توفير الخدمات الاستشارية بالتعاون مع الجمعيات المختصة حسب نوع الإعاقة كي تحدد نوع الفعاليات التي من الممكن ممارستها ومتطلباتها واحتياجاتهم اللازمة لإقامتها، ومن ناحية توفير الدعم المادي عبر مساعدة تلك الأندية وجلب الرعاة من قِبل الشركات التجارية التي تهتم باستهداف تلك الفئة العزيزة في المجتمع لتغطية نفقات النادي ولو بصورة جزئية، فيتحمّل النادي الجزء الآخر من المصاريف كخدمة للمجتمع من باب المسؤولية الاجتماعية للنادي.
لذا، لا بد أن يتم العمل على تنمية مثل هذا التوجه بجميع الأندية لخدمة جميع فئات وشرائح المجتمع، وبالأخص فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من قِبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد كرة القدم، عبر دعم الأندية وبرامجها التي تهتم بالمسؤولية الاجتماعية وربط مثل تلك البرامج في المزايا المقدمة لهم، بحيث يتم عمل نظام للحوافز يتم من خلاله الإعفاء من الغرامات أو العقوبات على الأندية مقابل عمل برامج أو فعاليات معينة وفق نظام تقره لجنة المسؤولية الاجتماعية باتحاد كرة القدم، عندها سنشاهد تنافس إدارات تلك الأندية لعمل البرامج الاجتماعية بصورة أكثر احترافية وعلى نطاق واسع.