ثمة بون شاسع بين النقد والتشفي يا تشافي، فالنقد مهما كان قاسياً وحاداً لكنه في إطار الموضوعية والاتزان وبنية صادقة وفي حدود اللباقة واللياقة فإنه حتماً سيجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية تأخذ به، بينما لو كان الأمر مجرد تشفي وسخرية وإن كان هذا النقد صائباً وواقعياً لكنه محشو بالفوقية والتهكم، فستلفظه العقول والقلوب وستصم عنه الآذان، وسيثير حفيظة واستهجان من أريد به، كما حدث معك تماماً تجاه منتخبنا الوطني في تصريحك الشهير الذي قلت فيه أن دوري أوروبا أقوى من كأس العالم لخلو الأخير من المنتخبات الضعيفة التي تتلقى خسائر كبيرة وتشوه شكل المونديال واستشهدت بمنتخبنا، ونحن نتفق معك في تصريحك شكلاً ونرفضه ونلفظه موضوعاً، فمنتخبنا بالفعل يتعرض لهزائم كبيرة في بعض المونديالات التي شارك فيها، وهو للأسف يزداد وهناً على وهن ويهوي به التصنيف الدولي للمنتخبات الآن إلى مكان سحيق، لكننا لا نقبل بأي حال أن يسخر منه بهذه الطريقة، ثم إن هذا المنتخب ودولته ما زالا في ريعان الشباب، مقارنة بدول ومنتخبات الفرق المشاركة في كأس العالم وبالأخص منتخبك ودولتك، والتي ما زالت إلى الآن مدنها تزهو بأسمائها العربية ولا أعلم هل أسر لك والدك أو جدك يوماً أن هذه الدولة التي نشأت وترعرعت بها، هي وكل شبر فيها من صنع أحد جدودنا العرب الذين تسخر من تأخرهم وتفخر بتقدمك أنت؟!.. ثم إن منتخبنا الوطني رغم حداثة عهده بالكرة وقلة خبرته إلا أنه قدم مستوىً رائعاً ومبهراً في أول مشاركة له في المونديال وسحق منتخبات أقدم وأعرق منه بكثير وصعد إلى دور الستة عشر، وسجل مهاجمه «سعيد العويران» هدفاً خرافياً ما زال كأس العالم يتغنى به ويصنفه من أجمل الأهداف التي مرت عليه حتى اليوم، والنتائج الكبيرة التي تتحدث عنها منيت بها جل المنتخبات المشاركة في المونديال الحالي يتصدرهم منتخبك العريق الكبير والخبير وبطل كأس العالم، الذي سجل أكبر وأذل خسارة حتى الآن بخمسة أهداف، وقدمتم حينها مستوى (ضعيفاً) باهتاً، وتلاعب الهولنديون بك وبزملائك وبحارسكم العظيم الذي ظهر بمستوى لا يليق بدوري أرياف فكيف بكأس العالم!! وسبق لمنتخبك أيضاً أن خسر بـ(السبعات) عند حداثة عهده بالكرة، فارحم حداثتنا أيها الطاووس الإسباني، ويبدو أن تصريحك (المتعجرف) لم يستفز ويثير حفيظة السعوديين وحدهم، بل حتى المونديال نفسه غضب منه واستهجنه، وانتصر للرقي واحترام المنافسين،أذاقك ومنتخبك من ذات الكأس التي أردت أن تسقينا منها، هل شاهدت يا تشافي.. منتخبنا العربي الوحيد في هذا المونديال وكيف وقف نداً عنيداً للمنتخب البلجيكي العريق والذي سبق لمنتخبنا أن انتصر عليه في المونديال، وكيف قدم المنتخب الجزائري أداءً رائعاً وبالكاد تعادل وفاز عليه البلجيكيون في آخر دقائق المباراة، وكيف كانت فرحة لاعبيهم وجمهورهم أثناء وبعد المباراة، ربما تدور عقارب التاريخ يا تشافي.. ويتلقى منتخبك خسارة مماثلة لخسارة هولندا من منتخبنا، ونتمنى إن حدثت أن تكون على شرفك. قالت هنا الحمراء زهو جدودنا... فاقرأ على جدرانها أمجادي.