لقد أصبح استخدامنا للمياه مبالغا فيه، مع أننا في أمس الحاجة إلى هذه المياه المهدرة والترشيد في استهلاك المياه يكون من خلال اتباع وسائل الترشيد التي تعطي انطباعاً طيباً، حيث يتأثر الأبناء بتلك التصرفات الإيجابية وتنعكس تصرفاتهم بالتعامل الأمثل في استهلاك المياه داخل المنزل وخارجه، فالبلدان التي لديها من الأنهار والبحيرات العذبة لم تهمل هذا الجانب من الحرص، بل انتهجت أساليب في الترشيد في استهلاك المياه لقناعتها بأن الماء مورد نفيس، فالمملكة العربية السعودية تبذل جهوداً كبيرة في إيصال المياه المحلاة لجميع المناطق حتى أصبحت من أوائل الدول المنتجة للمياه المحلاة في العالم، وتقوم أيضاً بحملات إعلامية توعوية مكثفة من خلال وزارة المياه والكهرباء والشركة الوطنية للمياه بالتوعية بخطورة الإسراف في استخدام المياه وشعارها المميّز «الترشيد في استخدام المياه اتباع لله وهدي نبيه وطاعة لولي الأمر»، وذلك لما للماء من أهمية كبيرة لحياة الإنسان.
والله جلّ في عُلاه قد نهانا في كتابه العزيز عن الإسراف، قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الآية، فوزارة المياه والكهرباء تسعى دوماً وعبر الوسائل الإعلامية المختلفة بالتوعية لأفراد المجتمع كافة في الاستخدام الرشيد للمياه بدءاً بالمنزل - بربة المنزل وجميع أفراد الأسرة الواحدة وتوفير أدوات الترشيد لأنواع الاستخدامات: للغسيل في المطبخ والمغاسل والاستحمام وري الحدائق والأشجار...... وتلك الجهود ما زالت تحتاج إلى بذل جهود أكثر، وذلك بتعاون الجميع بفعالية أكثر للمؤسسات المجتمعية كافة لاكتساب أنماط جديدة من السلوك الحضاري ورفع مستوى الوعي ومدى انعكاسه في التعامل الأمثل في الترشيد الذي لا مناط منه، وذلك لعدم وجود أنهار طبيعية وقلة المخزون من المياه الجوفية.
إن حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد النائب الثاني -حفظهم الله- تنفق أموالاً طائلة في بناء محطات تحلية المياه وتنقيتها لإيصالها لجميع المواطنين والمقيمين، فيتطلب منّا جميعاً عدم إهدار المياه والتفكّر بنِعم الله ومنها «المياه» والمحافظة عليها والاستخدام فقط لقدر الحاجة»، عن أنس رضي الله عنه قال:
(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بالمُدِّ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد) متفق عليه.
وهذا الحديث دلالة على عدم الإسراف وأن نعوّد أنفسنا وأبناءنا على الترشيد أثناء الاستخدام لأن إهدار المياه من الأسباب التي تُعيق التنمية في مختلف المجالات. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. سورة النحل «آية 11».