إن التصعيد الإسرائيلي المحموم الذي تشنه حكومة الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر تسخين الأجواء في قطاع غزة بالغارات الجوية التي تستهدف بعض المواقع العسكرية والمدنية على السواء، وحملات الاعتقالات والمداهمة للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية في الضفة، وتعكير أمن المدنيين الآمنين وتركيز الاعتقالات على كوادر وقيادات تنظيم فلسطيني معين بعينه هو (حركة حماس) دون سواها، على خلفية توجيه الاتهام إليها باختطاف أو اختفاء ثلاثة مستوطنين في منطقة الخليل، دون أيّ قرائن أو إثباتات تشير إلى قيام حركة حماس بهذه العملية، التي لا يزال يكتنفها الغموض، وفي ظل نفي قاطع وأكيد من قبل حركة حماس لمسؤوليتها، أو أي من أجنحتها عن القيام بهذه العملية، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن حكومة الاحتلال الصهيوني، قد أزعجتها الإنجازات الفلسطينية سواء على المستوى الدولي، أو على المستوى الوطني وخصوصاً إنهاء حالة الإنقسام التي استثمرتها إسرائيل لمدة سبع سنوات سابقة، وانتهت إلى تشكيل حكومة التوافق الوطني، التي حظيت بدعم وتأييد جميع دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يضاف إلى ذلك تحميل حكومة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكافة دول العالم، للكيان الصهيوني، وسياساته الفاشية القائمة على التوسع والاستيطان، سبب الفشل والإخفاق الذي حل بعملية السلام، وبالجهود الأمريكية التي قادها جون كيري وكان يأمل في التوصل إلى اتفاق سلام، أو إطار اتفاق يؤسس لمفاوضات تقود لإنهاء حالة الصراع وتحقيق حل الدولتين.
في ظل العزلة الدولية التي وضع نتنياهو فيها حكومته الفاشية، الرافضة للسلام واستحقاقاته وفق الرغبة الدولية، المبنية على أساس قرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وهبوط شعبيته في الداخل الإسرائيلي، فلم يبق أمام حكومة الاحتلال سواء هذا التصعيد المحموم ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية وقيادته التي أدركت أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأهمية تطوير وتفعيل الموقف الدولي، والشرعية الدولية في حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتجسيد الاستقلال الوطني، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.. فهل تنطلي هذه السياسات الفاشية الإسرائيلية على المجتمع الدولي، كي يفك الحصار المفروض على حكومة نتنياهو الفاشية، وإعادة الكرة إلى الملعب الفلسطيني؟!.
لقد أدرك الفلسطينيون خبث سياسات الاحتلال بحكم الخبرة والتجربة، وقد تحصنوا ضدها، بالتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية، وألا عودة للانقسام وأجوائه التي دفع الشعب الفلسطيني جراءه ثمناً بالغاً من دماء أبنائه ومن مستقبله السياسي، فلا يجوز أن تنطلي ألاعيب حكومة نتنياهو على الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله الوطنية بما فيها حركة حماس وغيرها من الفصائل في تحميلها مسؤولية اختطاف المستوطنين الثلاثة، وبالتالي استهداف كادراتها بالاعتقال والخطف، في إطار سياسة اللعب على حبال الفصائل، وبعث الروح الفصائلية على حساب المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية التي بدأت تتجسد على أرض الواقع، وكانت أولى خطواتها حكومة التوافق الوطني والتي لابد أن تكتمل في الخطوات التالية لها وهي الانتخابات التشريعية والرئاسية وإعادة هيكلة وتفعيل م. ت. ف لتتسع للكل الوطني الفلسطيني، ذلك ما يرهب نتنياهو وحكومته الاستيطانية، ويفوت عليها فرصة اللعب على حبال الفصائلية والتشققات والانقسامات البرامجية والفصائلية الفلسطينية.
إن غرض حكومة الكيان الصهيوني من سياسات التصعيد المحموم واستهداف فصيل بعينه، يهدف التأثير على مجريات إعادة البناء الوطني الفلسطيني بما يخدم مصالحه، ودب الفرقة بين فصائل الشعب الفلسطيني، فلا يجوز للشعب الفلسطيني أن يلدغ مرة ثانية وأن يقع في المصيدة والشراك الإسرائيلية، وأن يدعها تؤثر على وحدته الوطنية وعلى برامجه في إعادة اللحمة الوطنية وفي مقدمتها الانتخابات المزمع تحديد موعد لها في أجل لا يتجاوز الستة أشهر القادمة، وإلا سوف تتكرر الكارثة الانقسامية الفصائلية التي عانى منها الشعب الفلسطيني، ولا يزال يعاني من آثارها المدمرة، فعلى جميع الفعاليات والفصائل والقوى الفلسطينية وعامة الشعب الفلسطيني ألا ينخدعوا ثانية ويقعوا في مصيدة وشراك نتنياهو التي بدأت مع هذه الهستيريا الإسرائيلية.