في وميض هذه الليلة آمنت بأن الوقت لا حجم له، وسيفي الدابر لسحق مثل هذه المفارقات هو القلم، زرقة السماء تعجُّ بروحي لخلق خلفية رائعة حتى دالي لم يقدر على التقاطها، أعلم أن دالي ترعشني لوحاته لما تحمل من هارموني متجانس يجعل الدموع تتقاطر من عيني حين النظر والتمعن فيها.
لا بأس.. تشغلني تلك الجرادة التي تعج بها لوحاته، وأتدحرج بسلام داخل روحي لأجد كل قنوات شراييني تتعلم من تلك اللوحات بهدوء مضن، أنَّ لذة السعادة هي جوهرتنا المفقودة في زمننا، ونحن نعيش الإحساس بأن نملك.
جمال السراب وخطوط السهو ووجه الحب المجهول، حواسي كستائر ترتعش تحت هيكل الرغبة أمام شباك مفتوح، تجري لمسات متوحشة داخل خيوطها، مثل أرصدت مشاعري النائمة يوقدها الشوق للحياة العابثة، هكذا خلق الإنسان كثير التوهم ذكراً كان أم أنثى، فأضمُ العالم بدهشة عثرت عليها في صندوق صلواتي الغاضبة مني كوني أنثى.
شيعت رغباتي المقتولة بكل اتجاه منذ أقدم العصور، لتكون أنت الصراع المصاحب لكل هبوبي، ورياحك العاتية أتصدى لها بكل عنفواني، لمواجهة الموج نضرب غرور الأفق بجماجم جديدة، فتتناثر خوافق الجمال هنا وهناك، وينتهي الليل خجلاً من ظهور فجر آخر، وأنا والقلم متهالكان على سرير الأماني، تلمنا زرقة الأحلام المنطوية تحت وسادة ناعمة من صنع أفكارنا الهشة، هكذا نحن ومدننا وآمالنا من عدم الحب نعيش، كل ليلة ولا نقدر على امتلاك الحلم.