رأيت من وصل بينهم الخلاف إلى أبعد مما يجب أن يصل إليه، مع أن الخلاف حول قضية شعر لا تستحق أن يتحول الخلاف حولها إلى حالة من التشنج والحدة، ولنفترض جدلاً أنني لا أتفق معك أو ربما رأى أحدنا من وجهة نظره، أنّ الطرف الآخر على خطأ وليكن، فقد أختلف مع أخي أو ابني أو صديقي حول قضية ما، وقد لا نصل إلى حل وسط يرضى الطرفين، والكثير منا مر بحالات من اختلاف الرأي مع أحد المقربين منه، وتوقف الخلاف عند حدود المُختلف عليه أو حوله، فاختلاف الآراء والأذواق سمة جميلة من سمات التنوع المطلوب للوصول إلى تعدد النظر والرؤية والخروج بأكثر من طيف وطعم ورائحة لشيء واحد.
لكن بعض من يعانون من ضيق الأفق والثقة المفرطة في النفس، يرون أن خلاف أحد معهم وعدم قبوله بآرائهم هو شيء من تسفيه عقولهم، فينبرون للدفاع عن وجهات نظرهم بالحدة والغضب الذي ربما تحول إلى خصومة وقطيعة، برغم أن الخلاف الذي يُفترض أن يوجب القطيعة فقط ما يتعلق بالثوابت إلى لا يجب أن يكون حول الاختلاف فيها مجال لوجهات النظر، بل إن الود هنا لابد أن يتأثر لا من باب الانتصار للذات وإنما للعقيدة فقط، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الآية 22 سورة المجادلة).