للمسئولية أنماط كثيرة سوف أكتب عن المسئولية الوظيفية، سوف أكتب عن الموظف في القطاعين الحكومي والخاص الموظف الذي وقّع على بطاقة الوصف الوظيفي في أول يوم عمل. وأصبح مسئولا عن جميع تصرفاته وقراراته وفي حدود ما جاء في الوصف الوظيفي. منْ هُوَ المسؤُول، المسؤُول؟ الموظف مهما كانت وظيفته وفي أي مستوى إداري ما دامت على موجوده على الهيكل التنظيمي الذي وافق عليه من أعلى سلطة في تلك الجهة.
مسئولية الموظف عرفت حدودها وتداخلها مع الوظائف الأخرى، الشركات والمؤسسات والدوائر الحكومية التي لا تطبق الوصف الوظيفي يصعب عليها معرفة من المسئول؟ هناك منْ يقلل من شأن الوظائف الموجودة في قاع الهيكل التنظيمي وهذه نظرة غير واقعية فالموظف مهما تدنت وظيفته فهو موظف مهم وحساس، على سبيل المثال موظف السنترال مرآة عاكسة للمكان الذي يعمل به فقد يعطي هذا الموظف صورة حسنة جميلة عن مكان عمله.. أو صورة سيئة منفرة.
لو كنت مسؤولا لطبّقت مؤشر الأداء الرئيسي (كي بي أي). في جميع الوظائف للتعرف على الأداء والإنجازات والإخفاقات ومن المتسبب وكيفية تعديلها أولا بأول. لو كنت مسؤولا لقررت ربط العلاوة السنوية مع تقرير الأداء الوظيفي وعدم مساوات العلاوة للجميع. لو كنت مسؤولا لقررت وضع محاسب قانوني لكافة الأندية الرياضية. لو كنت مسؤولا لقررت طلاء جدران فصول المدارس التي تكون باعثة للهدوء والاسترخاء كذلك أن تكون باعثة للنشاط والمرح. لو كنت مسؤولا سوف أوظّف على أساس القدرة والكفاءة والمقابلة الشخصية وليس على أساس فيتامين (واو). لو كنت مسؤولا لطلبتْ إنشاء إدارة بمسمى إدارة المسئولية الاجتماعية في كافة الشركات والمؤسسات والبنوك. لو كنت مسؤولا لضاعفت عدد الجمعيات الخيرية ووزعتها على كافة المناطق حسب عدد السكان. لو كنت مسؤولا لقررت افتتاح معرض كتاب محلي في كافة المناطق الثلاث عشرة في كل سنة. لو كنت مسؤولا لمنعت تناول طعام الإفطار في المكاتب. لو كنت مسؤولا لضاعفت غرامات المرور داخل وخارج المدن وضاعفت آليات ساهر.
المسئولية في الإسلام وتحمل المسئولية أمراً ليس يسيراً فقال الرسول :»إنً الله يُحب إذا عمِل أحدكم عملاً أن يتقنه» إن إتقان العمل وإنجازه بالصورة الصحيحة مطلب وهدف ينشده الكثير من الناس لكنّ الواقع في أحيان كثيرة يخالف ما هو مطلوب ومتأمل. وتحمل المسئولية يعني الكسب الحلال قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الحلال بِّين وإن الحرام بِّين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)).
لو كنت مسؤولا لقررت عدم قبول أي مذيع أو مذيعة لا تتقن اللغة العربية وقررت دورات تدريبية لغالبية المذيعين والمذيعات. لو كنت مسؤولا لقررت بناء نقاط تفتيش على الطرق السريعة بصورة حضارية تعكس الوجه الحضاري الحقيقي. لو كنت مسؤولا لقررت وضع أرقام على كراسي الجمهور الرياضي وساهمت في الحد من فوضى الجلوس. لو كنت مسؤولا لضاعفت موظفي الجمارك والجوازات في منفذ الحديثة لراحة المسافرين.
أخيراً تحمّل المسئولية الوظيفية واجب ديني ووطني وأخلاقي وعلى المسئولين أن يوضحوا واجبات ومسئوليات كل وظيفة. لو كنت مسؤولا عن التلاعب بالأسعار فماذا ستفعل؟ لو كنت مسؤولا عن مرتكبي الأخطاء الطبية فماذا ستفعل؟ أقتبس: الشخص الصالح لا يحتاج القوانين لتخبره كيف يتصرف بمسؤولية، أما الشخص الفاسد فسيجد دائماً طريقة ما للالتفاف على القوانين. أفلاطون.