واصلت مليشيات «داعش» تقدمها داخل المحافظات العراقية الشمالية، فبعد السيطرة على محافظة نينوى اتجهت المليشيات الإرهابية إلى محافظة صلاح الدين (تكريت) واستولت على عدد من الأقضية، حيث دخلت عناصرها القتالية قضاء بيجي، والذي يضم منشآت بترولية، وتدور معارك للسيطرة على قضاء شرقاط، وتنوي «داعش» دخول مدينة تكريت مركز المحافظة، ولا تخفي نواياها في التقدم نحو أطراف العاصمة بغداد، إذ تتاخم أقضية محافظة صلاح الدين أقضية بغداد، ومن أولوياتها الاستيلاء على التاجي وسامراء ومن ثم اختراق الشريط الذي يحيط ببغداد لمحاصرة حكومة نوري المالكي التي تتحصن في المنطقة الخضراء.
حكومة نوري المالكي استشعرت الخطر، وطالبت مجلس النواب الموافقة على إعلان حالة الطوارئ، وراحت تطالب أمريكا بمساعدتها على صد هجوم الإرهابيين، في حين صدرت إشارات من إيران بأنها تستعد لمساعدة حليفها نوري المالكي وإرسال قوات لصد هجوم «داعش».
هذه التطورات الأمنية في العراق تحمله القوى السياسية بما فيها شركاء نوري المالكي من البيت الشيعي إلى فشل حكومة المالكي في بناء قوات عسكرية وأمنية قادرة على فرض الاستقرار في العراق، ويتهمونه بأنه أوصل العراق إلى هذه الحالة البائسة بسبب اعتماده على الحل الأمني والموجه إلى أهل السنة فقط، مما أوجد بيئة حاضنة للإرهابيين والقوى المتطرفة، وأبعد عنه أهل العشائر، وأضعف الحالة المعنوية لأفراد القوات المسلحة وأجهزة الأمن والشرطة الاتحادية والمحلية، ودفع بقادة هذه القوات إلى التخلي عن واجباتهم ومسؤولياتهم وترك الأفراد دون قيادة على غرار ما حصل في الموصل.
ولهذا فقد أخذت الأصوات تتكاثر في العراق وخصوصاً في البيت الشيعي بضرورة الإسراع في التخلص من نوري المالكي حتى لا تلتهم النيران كل من يعمل معه.
وحتى إذا استطاع الجيش والأهالي من صد هجوم «داعش» وانتزاع الأقضية التي استولوا عليها في محافظة صلاح الدين، فإن أياماً صعبة تنتظر نوري المالكي والمتحالفين معه، إذ يرون أن واقعة «داعش» وسقوط المحافظات الغربية، وانهيار الحدود مع سورية جميعها حصلت بسبب فشل نوري المالكي في سياسته، وأسلوبه المعادي لأهالي هذه المحافظات، التي وإن لم تحبذ العمل مع «داعش» فإنهم ليسوا على استعداد للتعاون مع نوري المالكي، فكلاهما شر لهم، وهذا أحد أسباب اندفاع «داعش» بهذه السرعة في المحافظات الغربية، ولهذا فإن العراقيين يفكرون في التخلص من نوري المالكي ثم العمل جميعاً للتصدي لداعش.