لقد اعتدنا القول: إنّ القيادة المستندة إلى «الأوامر والتحكم» لم تعد تناسب السياقات المؤسسية في القسم الأكبر منها.
ولكن بمَ نستبدلها؟ يحتاج القادة بصورة متزايدة إلى سمات نموذجية تعكس قيم مؤسساتهم، ومن شبه المستحيل طبعاً أن يرصد المفكّرون والباحثون هذه السمات كلّها - لأنّ كلّ مؤسسة تعتمد مجموعة مختلفة من المعايير. لكن يمكننا الإشارة على الأقل إلى بعض سمات القيادة الأساسية، التي نعتبرها اليوم شائعة في عدد كبير من الشركات.
أولاً، وفي عالم تتسم فيه أسواق العمل بعدم الاستقرار، من الضروري أن يعمل القادة على إلهام الآخرين وأن يبثوا في نفوسهم غاية محدّدة. وعندما أقدم أحدنا على مقابلة قادة يافعين في سياق تأليف كتاب، اكتشفنا أن «التحدّي الفكري» و»فرصة التأثير في العالم» هما سببان من بين أهم ثلاثة أسباب حثّتهم على البحث عن وظيفة محددة.
وقد سلّطت دراسات أخرى الضوء باستمرار على الاهتمام المتزايدة التي يوليها العاملون الأصغر سناً للغاية في مكان العمل.
والمضحك أن هذا التركيز على إيجاد غاية في مقر العمل وفي الشركات التي نتعامل معها يعيد تحديد الطريقة التي تعتمدها شركات مبتكرة على غرار «زابوس» و»غوغل» لاستقطاب المواهب.
ثانياً، ومع تسارع وتيرة التغيير في الأسواق، من الضروري أن يتأقلم القادة مع التغيير وأن يُظهروا التزامهم. ويشار إلى أنّ معظم المؤسسات الحديثة لا يمكنها تكبّد تكاليف البقاء في المكان ذاته لوقت طويل.
وبالتالي، من الضروري أن تستجيب الشركات للتغيّر السريع لأولويّات المستهلكين والمنافسين الناشطين السريعة التبدلّ بصورة متزامنة مع هذا التغييرـ علماً بأنّ ذلك لن يكون ممكناً إلا إن فهم الموظفون استراتيجية الشركة واستوعبوها بعمق كافٍ ليتمكّنوا من تغييرها وتحسينها وفقاً لما يريده السوق، وهو أمر يتطلّب التزاماً شخصيّاً من القادة.
وأخيراً، من الضروري أن يجسّد القادة المصداقيّة، وسط تزايد المطالبات بها - وبمعرفة طرق استيعاب الزملاء لنقصها. وبفضل تكاثر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الجوالة التي تتّصف «بالتواصل المستمر»، بات يسهل على زملائك في العمل أن يعرفوا بمكان تواجدك وبالأمور التي تقيّمها، بغضّ النظر عمّا إذا كانت تتعارض مع ما تقوله في مقر العمل. ويشكّل ذلك تطوّراً إيجابياً، لأنّه يخوّل القادة التصرف على طبيعتهم في مكان العمل - وإظهار قيمهم ومواطن ضعفهم وشتّى الأمور - واستعمال مواطن الضعف هذه للتواصل مع زملائهم بطرق أعمق وأكثر إنسانية.