من الضروري أن تستثمر الشركات أحياناً في فرص جديدة لا تنسجم بسهولة مع استراتيجياتها الراهنة. وفي هذا السياق، تقضي النصيحة التقليدية بإطلاق نشاط جديد يتخذ شكل وحدة مستقلة خاضعة لإشراف مدير في المقر الرئيسي للمؤسسة، من شأنه أن يسمح للمبادرة بالتكامل مع ما تبقّى من الشركة.
ولعلّها نصيحة شاملة جيّدة، ولكنها لا تغفل عن التطرّق لعدد كبير من الأسئلة ذات الصلة، ومن بينها: ما السياسات المؤسسية التي ينبغي تطبيقها على الوحدة الجديدة؟ ما الوقت الذي يجب أن تكرّسه اللجنة التنفيذية المؤسسية للنشاط الجديد؟ كيف سيتم الإشراف على هذا النشاط؟ هل سيُدرَج في سوق أسهم مستقل أو يحظى بتمويل مستقل؟
ترتهن الأجوبة المناسبة بفهم عنصرين، يتمثلان بفرص التعاون، وباحتمال أن تُقدِم الشركة الأم على إنقاص في القيمة، علماً بأنّ العنصرين المذكورين محصوران بوحدة الأعمال المحدّدة، وبالشركة الأم، وبالشركات التابعة الأخرى.
وقد يأتي التعاون كنتيجة لخفض التكاليف عبر زيادة الإنتاج. وإن كان الأمر كذلك، فسيتوجّب منح بعض الأنشطة طابعاً مركزياً أو التشارك فيها. لكنّ التعاون قد يكون أيضاً ثمرة استراتيجيّة متناسقة تقوم على المبيعات الإضافية المتبادلة، أو قد يتأتى أيضاً عن مصادر عديدة أخرى. وبالتالي، من الضروري أن يكون التكامل بين الوحدة الجديدة وما تبقى من المؤسسة مرهوناً، بطبيعته، بالمصادر التي نجم عنها التعاون. وحتى إن كانت مصادر التعاون المذكور واضحة، لا يزال من الضروري اتخاذ بعض القرارات. وعند اتخاذها يجب أن يسعى المديرون لتحقيق تكامل من النوع الذي ينطوي على أقل احتمال بحصول إنقاص في القيمة. قد يتمّ إنقاص القيمة بنتيجة إجراءات توجيهيّة محددة على صلة بالاستراتيجيّة، وعمليات على صلة بإدارة الأداء، وغيرها من السياسات المؤسسية. وعلى سبيل المثال، غالباً ما تشتكي الشركات الجديدة من أن مقرّها الرئيسي يطالبها بعدم تخطي الموازنة، إن أرادت الإبقاء على مستويات تمويلها الراهنة.
وكلما اعتمدت وحدة نموذج أعمال مختلفاً عن ذاك الذي تعتمده الشركات الأساسيّة، زاد احتمال حصول إنقاص في القيمة - لكون الإدارة المؤسسية المعتمدة على التجربة غالباً ما تؤثّر سلباً في الفروع الجديدة.
ولهذا السبب، تُنشئ الشركات الذكية أكبر مسافة ممكنة بينها وبين فروعها، مع الإشارة إلى أنّ مستثمري الأقلية، وأصحاب الحصص السهمية المستقلين، والمديرين المسؤولين عن مساهمين كبارقادرون على توفير وقاية إضافية ضد إنقاص القيمة. وفقط إن تمّ تحديد مواطن التعاون بوضوح، والبحث عن طرق تسمح بتحقيق هذا التعاون من دون إلحاق الضرر بالشركة، وإرساء آليات لمساعدة الشركة الجديدة على مقاومة الخنق المؤسسي، سيتمكّن المديرين من تصميم الحل المناسب والمعد تحت الطلب لكل استثمار جديد.