طالب مختصون بتطبيق أنظمة تكفل تمكين المستثمرين من الاستفادة من تشغيل المصانع المتوقفة في بعض المدن الصناعية، وإعادة استغلالها واستثمارها، إلى جانب التوسع في إنشاء المدن الصناعية بما يضمن زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي، وذلك في ظل المحفزات التي تقدمها الدولة والإنفاق المالي الضخم الذي حظي به القطاع، إلى جانب توفيرها الأراضي الصناعية بأسعار منافسة.
وجاء حديث المختصين لـ«الجزيرة» في ضوء تقرير هيئة المدن الصناعية «مدن» الصادر حول أداء القطاع الصناعي في 2013، المتضمن تأكيد الهيئة أن لديها خطة لرفع مساهمة الصناعة المحلية في إجمالي الناتج المحلي إلى 20 % بحلول 1441هـ، مع بلوغها في 2013 ما نسبته 12 % من إجمالي الناتج المحلي بمبلغ 149 مليار ريال.
كما كشف التقرير عن زيادة ملحوظة في نسبة الأراضي المطورة بالمدن الصناعية، وازدياد عدد المصانع إلى 5400 مصنع، يعمل بها أكثر من 310 آلاف موظف، إضافة إلى ارتفاع عدد المدن الصناعية؛ ليصبح 32 مدينة، وذلك وفقاً لتقرير مدعوم بقروض صناعية، تصل حتى 75 % من رأس المال، مع فترة سداد تصل إلى 20 سنة، إلى جانب أسعار كهرباء تنافسية، وإعفاءات جمركية للمواد الخام والآلات الداخلة بالصناعة، وأولوية في العقود الحكومية للمواد المصنعة محلياً، وبرامج وتسهيلات لدعم تدريب وتوظيف السعوديين.
وقال المهندس أحمد العليان المدير العام لخطوط للاستشارات الهندسية: الصناعة تحتل مركزاً متطوراً في أي بلد بهدف تحقيق التنمية؛ كونها حجر الزاوية للنهوض الاقتصادي. والقطاع الصناعي يسهم في استغلال الموارد الطبيعية ومكافحة البطالة، ولديه القدرة على استغلال المنتجات العلمية والتكنولوجية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وأكد المهندس العليان ضرورة إجراء مراجعة شاملة للخطط الإنتاجية والمسارات التكنولوجية المتوافرة حالياً، واقتراح تطويرها أو وضع البدائل لها لمواكبة التطور، إضافة إلى العمل على استخدام التقنيات الحديثة في متابعة كفاءة الأداء ونوعية الإنتاج وإدخال نظم الحاسبات في جميع مراحل الإنتاج، إضافة إلى تهيئة الأرضية اللازمة لاستقطاب الشركات الأجنبية الرائدة التي تتمتع بخبرات عالية وتكنولوجيا متقدمة وإقامة شراكات معها.
وأضاف: الدولة أنفقت في الفترة الأخيرة مبالغ طائلة لتطوير البنية التحتية وإيصال الخدمات الصناعية، ناهيك عن المزايا الاقتصادية والحوافز الجاذبة للمشاريع الصناعية والتقنية والخدمية والسكنية والتجارية. فالإيجار السنوي للأرض يبدأ من ريال واحد للمتر المربع، إضافة إلى ما تقدمه صناديق التمويل الحكومية والبنوك؛ إذ تقرض المشاريع الصناعية بقروض ميسرة؛ لذا ينبغي على «مدن» العمل لتسهيل الإجراءات الإدارية لتمكين المصانع من لعب دور ملموس خلال عملية تطوير المناطق الصناعية، وإشراك الصناعيين باختلاف مستوياتهم الاستثمارية في صناعة القرار.
من جهته، أوضح الاقتصادي الخبير الدكتور عبدالله المغلوث أن الصناعة في المملكة آخذة في التقدم بدعم واهتمام من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - التي أولت الصناعات التحويلية جهودًا كبيرة، وأصبحت المصانع في السعودية تستفيد من هذه المنتجات.
وأضاف المغلوث: في مقابل هذا الدعم الحكومي أصبح لزاماً على هيئة المدن الصناعية، التوسع في إنشاء المدن الصناعية، والاستفادة من المنتجات التحويلية، وصنع المنتج النهائي الذي يستفيد منه المستهلك.
مشيراً إلى أن الهيئة شرعت في إنشاء مدن من خلال بناء محطات كهربائية وتحلية مياه صناعية وبنية تحتية؛ كي تكون تلك المدن مستعدة لاستقبال مصانع جديدة تفي وتخدم مشاريع المملكة، بل يمكن تصدير تلك المنتجات إلى خارج المملكة، وأصبح هناك مدنٌ مساحتها مئات الملايين مثل مدينة سلوى الصناعية على الحدود القطرية، كنموذج تسعى إليه هيئة المدن في تطبيقه وجذب إنشاء مصانع مُستفاد منها، أولاً في توظيف أبناء الوطن، وثانيًا تشغيل الصناعات في المملكة.
وقال: لا شك أن تلك المدن جعلت هناك ناتجاً محلياً يفوق التوقعات، بل زادت على ما هو مرسوم في الخطة الخمسية، ونتطلع إلى المزيد في أن تكون لدينا مدن صناعية متوافر بها جميع مستلزمات الصناعة حتى تنجح في التصدير وتشغيل السوق المحلي.
إلى ذلك، أشار الاقتصادي مسلط العجرفي المدير التنفيذي لمجموعة المشروعات الوطنية إلى أن جهود هيئة المدن الصناعية ملموسة، وخصوصاً في خطواتها وإجراءاتها لخلق بيئة جاذبة للاستثمار الصناعي، واتضح ذلك من خلال توفير البنى التحتية المتكاملة والخدمات اللازمة كافة في هذه المدن، والإجراءات المتعلقة بالحصول على التراخيص اللازمة التي أصبحت إلكترونية؛ ما خفف من عناء مراجعة المستثمرين، إضافة إلى المرونة والسرعة في استلام الأراضي.
وكذلك مراكز الخدمة الشاملة، وهي مراكز تجمع مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل وإدارة الجوازات تحت سقف واحد.
وأوضح العجرفي أن الحفاظ على هذه المكتسبات هو الأمر الأهم، وخصوصاً أن المنافسة قائمة؛ وبالتالي لا بد من خلق قنوات أوسع وأشمل تكفل المحافظة على المناخ الاستثماري الجاذب للمستثمرين محلياً وأجنبياً، ومن ذلك تقليل الاشتراطات على المطورين، إضافة إلى تطبيق أنظمة تكفل تمكين الراغبين في الاستفادة من تشغيل المصانع المتوقفة في بعض المدن الصناعية وإعادة استغلالها واستثمارها.