افتتح وزير التجارة والصناعة رئيس مجلس إدارة هيئة تنمية الصادرات السعودية الدكتور توفيق الربيعة مساء أمس الأول بالدار البيضاء في المملكة المغربية فعاليات ومعرض «ملتقى المملكتين»، الذي تنظمه هيئة تنمية الصادرات السعودية بمشاركة من مجلس الغرف السعودية بهدف تعزيز مزيد من العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية الشقيقة.
وأوضح الدكتور الربيعة خلال حفل الافتتاح أن ملتقى المملكتين يُعد ترجمة حقيقية لما تم الاتفاق عليه من قِبل اللجنة المشتركة السعودية - المغربية، التي عقدت بمدينة جدة في أغسطس من العام الماضي 2013م، بما يساهم في تطوير التعاون التجاري وتنمية وزيادة حجم الصادرات بين البلدين. مشيراً إلى أن اتفاقية المملكتين تسعى لتشجيع التعاون في مجال الابتكار، ودعم مراكز البحوث وتبادل التجارب والخبرات في الصناعات وتقنيات النانو، علاوة على الاستفادة من مختلف الآليات المتوافرة لدعم المشاريع الصناعية المشتركة.
وقال الدكتور الربيعة: «لقد أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - تأسيس هيئة مستقلة تحت مسمى (هيئة تنمية الصادرات السعودية)، تُعنى بالانفتاح على الأسواق العالمية وتوظيف مختلف إمكاناتها الاقتصادية، لتحفيز المنتجات السعودية، والرفع من مستوى جودتها التنافسية، والوصول إلى منتجات جديدة تلبية للمتغيرات الحالية، بما يضمن الارتقاء بالصادرات غير النفطية، وتنويع روافد الاقتصاد الوطني». لافتاً إلى أن للهيئة دوراً في وضع سياسة واستراتيجية وطنية للتصدير مساندة في حل معوقات التصدير، وتطوير قدرات المصدرين، والترويج للصادرات السعودية عبر المشاركة في المعارض الدولية المتخصصة، إلى جانب المساندة في تقديم الخدمات الاستشارية للمصدرين. وأعرب وزير التجارة والصناعة في ختام كلمته عن شكره لنظيره المغربي وجميع أفراد الفريق المشارك في تنظيم هذه الفعالية، متطلعاً إلى أن يخرج هذا الملتقى والمعرض بصورة تحقق طموحات وآمال القادة وشعب البلدين لما فيه تحقيق للتنمية الشاملة على شتى الصعد للبلدين الشقيقين. من جانبه، أشار معالي الوزير المنتدب لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلف بالتجارة الخارجية المغربي محمد عبو إلى أن القدرات والإمكانيات المتاحة بالبلدين تستدعي تكثيف الجهود، وتنسيق المبادرات، للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى أعلى، يترجم جودة العلاقات السياسية بين البلدين، وطموحات الشعبين الشقيقين. لافتاً النظر إلى أن كلا البلدين يمتلك مقومات ومؤهلات وتجارب تمكنهما من إقامة تعاون مثمر ومفيد، وتحقيق مصالح ومنافع متبادلة. وأكد الوزير عبو ضرورة خلق إطار استثماري محفز وجذاب، ضمن مقاربة تتوخى رفع العراقيل كافة التي تحول دون تنمية العلاقات التجارية وتُحدّ من التدفق التجاري والاستثماري بين البلدين، وإقامة علاقات تعاون بين مختلف المؤسسات المختصة، بما يضمن تسهيل وتشجيع الأنشطة الترويجية، وربط العلاقات بين الفاعلين الاقتصاديين، عادًّا تعزيز الشراكة وتحقيق المزيد من التقارب بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي خطوة مهمة في طريق التأسيس لاندماج اقتصادي عربي فعلي، يعود بالنفع على شعوب المنطقة العربية. وبيَّن محمد عبو أن المغرب يمكنه أن يضطلع بدور حيوي في هذا الاندماج؛ كونه بلداً جاذباً للاستثمارات الخارجية؛ إذ يمتلك موقعاً جغرافياً متميزاً، ولديهنية تحتية مهمة من طرق وسكك حديدية ومطارات وموانئ ووسائل حديثة للاتصال، مؤكداً أن البلدين يمكن أن يشكلا قاعدتين تجاريتين لبعضهما؛ فيمكن للمغرب أن يفتح المجال لتسويق المنتج السعودي عبر الأسواق الإفريقية والأوروبية، كما يمكن للمملكة العربية السعودية أن تشكل نقطة انطلاق للمنتجات المغربية إلى أسواق الخليج العربي والأسواق الآسيوية. من جهته، نوه رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالرحمن الزامل بأهمية زيادة الاستثمار المحلي والإنتاجية في البلدين من قِبل القطاع الخاص، خاصة في المغرب، مشيراً إلى أن هذه الزيادة في الإنتاج بحاجة ماسة إلى تمويلات ميسرة ومتوافرة للمستثمرين المحليين في المغرب، يكون هدفها الأول هو التنمية وليس الأرباح فقط، وهو الطريق الذي سلكته المملكة العربية السعودية في تنمية كل قطاعاتها من خلال القطاع الخاص؛ إذ أنشأت صناديق متخصصة للتنمية الصناعية وآخر للزراعة وآخر للعقار منذ عام (1974م). وقال: «إن استثمارات حكومة المملكة في القطاع الصناعي فقط من خلال الصندوق الصناعي وصندوق الاستثمارات العامة تعدت 800 مليار ريال خلال السنوات الماضية، وقد ضخ القطاع الخاص السعودي والمؤسسات المالية الأخرى مبالغ مماثلة، أدت لتوافر احتياطات ثروة حقيقية في القطاع الصناعي في الوطن، وهو الطريق الذي سلكته المملكة العربية السعودية في تنمية كل قطاعاتها من خلال القطاع الخاص؛ إذ أنشأت صناديق متخصصة للتنمية الصناعية وآخر للزراعة وآخر للعقار منذ عام (1974م)». من جانبه، أشار رئيس مجلس الأعمال المشترك السعودي محمد الحمادي إلى أن التوقعات والتقديرات لتصاعد مقدار التبادل التجاري بين المملكتين إلى 7 مليارات دولار خلال عام 2014م من 3.2 مليار دولار في لعام 2011م لم تكن من وحي الخيال، بل واقع ملموس نعيشه ونلمسه؛ فالزيادة في قيمة واردات السعودية من السلع المغربية عن 67.5 مليون دولار لعام 2010م؛ لتصبح 143.5 مليون دولار عام 2012م، حسب نشرة مصلحة الإحصائيات العامة، محققة نسبة زيادة 112%، وكذلك ارتفاع الصادرات السعودية المصدرة إلى المملكة المغربية الشقيقة من 8053 مليون دولار عام 2010م؛ لتصبح عام 2012م 10117 مليون دولار، محققة زيادة 26 %، جميعها مؤشرات تنبئنا بمستقبل واعد لتبادل تجاري بين المملكتين. وقال: «إن الفلاحة بوجهيها التقليدي والمتخصص هي الركن الأول لتحقيق أمن غذائي مُرضٍ لكلتا المملكتين, وإن مايمر به بلدانا والعالم شتى من أزمات في الغذاء والماء يجعلنا أمام تحديات كبيرة من أجل بناء شراكات استراتيجية بين المملكتين، تعمل على إخراج الميزات النسبية والتنافسية للمنتجات الزراعية؛ ما يجعلنا - بإذن الله - نصل للمستوى المرضي لأمننا الغذائي, وإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي بالخارج لنموذج يحتذى به في دعم ومساندة القطاع الخاص نحو تحقيق ما نصبو له جميعاً، وتحقيق أمن غذائي مُرضٍ وأسواق غذائية مستقرة».
وتطلع رئيس الجانب السعودي بمجلس الأعمال المشترك السعودي - المغربي إلى إدراج العديد من السلع ضمن برامج الصادرات والإعفاءات الجمركية، وأن إزالة الرسوم غير الجمركية ستؤدي لانسياب السلع والخدمات بين البلدين «ونتطلع جميعاً لدور بارز للصناديق التنموية لدى البلدين للمساهمة في استثمارات طويلة الأجل في البنى التحتية، وعلى رأسها إنشاء خط ملاحي مشترك بين البلدين، وهي محفزات مطلوبة لجذب رؤوس الأموال الخاصة، والمساهمة في بناء الشراكة المنشودة بين المملكتين». وبدوره قال رئيس الجانب المغربي في مجلس الأعمال السعودي - المغربي خالد بنجلون في كلمته: «إن السعودية تحتل حالياً المركز الخامس على مستوى الدول التي تقوم بالاستثمار في المغرب، والمرتبة السادسة في التبادل التجاري، وأملنا أن تصبح شريكنا الأول بدون منازع». مشيراً إلى أن السعودية استثمرت في المغرب نحو (142 مليون دولار) في عام 2012، وأن صادرات المغرب للسعودية بلغت 536 مليون دولار العام الماضي، معظمها عبارة عن حامض فسفوري، في حين بلغت واردات المغرب من السعودية (2.72 مليار دولار)، معظمها من المحروقات.
ولفت رئيس مجلس الأعمال المغربي إلى العزم بافتتاح خط بحري مباشر بين السعودية والمغرب بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين واختصار لمدة شحن البضائع والسلع من السعودية إلى المغرب.
بعد ذلك تم توقيع اتفاقيتين تتعلقان بتعزيز التعاون وإقامة مشاريع مشتركة، ووقع الاتفاقية الأولى رئيسا مجلس الأعمال السعودي المغربي محمد الحمادي عن الجانب السعودي، وخالد بن جلون عن الجانب المغربي، فيما وقع الاتفاقية الثانية التي تربط بين اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية والجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية بالمغرب كل من رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية فهد محمد الحمادي، ونائب رئيس المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية عبد الحق العرايشي. عقب ذلك تم تكريم شركاء الملتقى، تلاه إعلان الافتتاح الرسمي لمعرض المملكتين، الذي يشرف عليه كل من هيئة تنمية الصادرات السعودية والمركز المغربي لإنعاش الصادرات، ويتضمن 120 جناحاً عارضاً.