لم يعد «مسلسل» الحوار الوطني يستهوي الشارع التونسي بعد أن خاب ظنه في النخبة السياسية واتجهت أنظاره إلى المسلسل التركي المدبلج «حريم السلطان» فرارا من الصداع المزمن الذي خلفته التجاذبات السياسية في رؤوس التونسيين.
مرة أخرى يفشل الرباعي الراعي للحوار في تقريب وجهات نظر الأحزاب السياسية المشاركة في جلسة الأربعاء بشأن تقديم الانتخابات التشريعية على الرئاسية أو العكس، حيث أفاد أنه تقرر إرجاء الجلسة الحاسمة إلى يوم غد السبت للتشاور حول مقترح إجراء انتخابات بجولتين الأولى رئاسية، والثانية رئاسية وتشريعية، تقدم به رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي. وقال المباركي بأن السبسي تقدم بمقترح شخصي حول إجراء الانتخابات بجولة أولى رئاسية وجولة ثانية رئاسية وتشريعية، معتبرا أن «التوافق أمر مهم والرباعي الراعي للحوار سيحسم الأمر في الوقت المناسب.»
كما صرح رئيس المكتب السياسي بحركة النهضة عامر العريض، بأن حزبه سيدرس المقترح فيما استبعد الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمه الهمامي التوافق حوله، ملاحظا أن إجراء الانتخابات بهذه الطريقة سيحسم الأمر بين الفائزين الأولين في الدورة الرئاسية الأولى، ولن يسمح ذلك بتشكل مجلس شعب تعددي.
وكان زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي أفاد من جهته، بأن الآراء انقسمت أول أمس إلى 3 جبهات حيث تساند 5 أحزاب المضي في تنظيم الانتخابات التشريعية قبل الرئاسية وعلى رأس هذه الأحزاب حركة النهضة وحزب المسار، فيما تساند الجبهة الثانية منطق الوفاق وبالنسبة للجبهة الثالثة فهي تتكون من بقية الجبهة الشعبية ونداء تونس وبقية الأحزاب وتساند منطق تنظيم الرئاسية أولا.
واقر حمدي بأن الأحزاب لا تسير في نفس الاتجاه واقترحت النهضة إحالة الموضوع على أنظار المجلس الوطني التأسيسي للحسم فيه واقترحت أحزاب أخرى منطق التصويت واقترح آخرون التوجه إلى تفويض الهيئة العليا للانتخابات للحسم.
وكانت أخبار راجت مؤخرا حول اتفاق سري بين أكبر حزبين على الساحة المحلية النهضة والنداء بشأن تحديد أسبقية الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، فخلافا لما كان متوقّعا يبدو أن حركة النهضة وحركة نداء تونس اتفّقتا على الجمع بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد أن تم التوافق في جلسة سابقة من الحوار الوطني على الفصل بينهما. ففي تحوّل مفاجئ طالبت الحركتان في جلسة الحوار الوطني الأخيرة بتنظيم الانتخابات بشكل متزامن. ويعتقد المراقبون أن الخلاف حول هذه النقطة الهامة سيزيد فرضية تأخير موعد الانتخابات عن التاريخ المحدد لها دستوريا، في حال تمسكت الأحزاب الأخرى بموقفها الرافض لفكرة الجمع بين المحطتين الانتخابيتين.
ويرجح المحللون السياسيون أن تضطر بقية الأحزاب «الصغرى» في حال موافقة الرباعي الراعي للحوار الوطني على مقترح النهضة والنداء إلى تغيير موقفها في مسعى لإنقاذ المسار الانتخابي وتفادي خرق الدستور الذي ينص على وجوب إجراء الانتخابات قبل موفى العام الجاري.
ويأتي هذا التحوّل بعد غياب التوافق في الحوار الوطني حول تقديم الانتخابات التشريعية على الرئاسية أو العكس حيث انقسم المشاركون في الحوار بين داعمين لتقديم الرئاسية على التشريعية ورافضين له يذكر أن حركة النهضة كانت منذ البداية تدعو إلى تنظيم الانتخابات بشكل متزامن في حين كانت حركة نداء تونس تطالب بالفصل بين الانتخابات مع تقديم الانتخابات الرئاسية الشيء الذي عبّرت حركة النهضة عن رفضه.