بادئ ذي بدء لا أصادر على أحد قناعته أو توجهه أو مبادئه التي يرى أنها في محلّها في تربية أبنائه، وفي نفس الوقت لا أرى أنه شأن ذاتي يعني أحداً دون غيره؛ فكُلّنا أبناء مجتمع سعودي عربي مسلم - له ثوابته وعاداته وتقاليده المُشرِّفة، الأمر الذي يجعلنا نتفق على خطوط عريضة فيما يخص تربية أبنائنا، وإن تذرّع البعض بالأعذار التي لا يمكن أن تكون إلا - واهية - إذا توافرت في شخصية الأب قوة شخصية الرجل وثقافته وحزمه ووعيه بحيث يُمرحِلْ شخصية الابن، كما ينبغي منذ طور التكوين، ليكون نافعاً لنفسه ووالديه وأسرته ودينه ووطنه.. وهذا لا يتأتَّى إذا أغفل الأب جوانب كثيرة أو غض النظر عنها؛ فالابن أمانة في عنق والده ومصادر التشريع الإسلامي لم تترك صغيرة أوكبيرة في هذا الشأن إلا وأوضحت بشأنها كل أمرٍ يجب أن يُستقى منها.
ومؤسف أن يركب بعض أبنائنا (موجة تَميُّع لا تليق) مثل: قصّات بعض الشعر أو ارتداء بناطيل، أربأ بالقارئ الكريم عن ذِكْر مسمياتها أو الانجراف في صداقات سيئة ضررها أكثر من نفعها.
هذا غيض من فيض يدعو الضمير الحي لطرحه، وهو موجّه لنوعية من الآباء اللامبالين بعواقب الأمور؛ خصوصاً والصيف على الأبواب، وأكاد أجزم أن هناك من يقول: لم تعد الأمور كما كانت عليه (وبعد الجوالات الجديدة ما عاد فيه صغار، صاروا يعرفون كل كبيرة وصغيرة) وكل هذه العبارات (المعلّبة) ينتهي مفعولها عند شخصية الأب المثالي إذا كان والده من قبله قد هيأه ليكون أباً مثالياً فيما بعد.. أمّا إذا كان غير ذلك فكما يقول المثل (اللي ما يفيد نفسه ما يفيد الناس)؛ لهذا فإن عاداتنا وتقاليدنا المستمدة من الأدب الرفيع تُوحِّد بين طباعنا الراقية التي يُفترض أن ننشّئ أبناءنا عليها.. يقول الشاعر أبو تمام:
إِنْ نَفْتَرِقْ نَسَباً، يُؤَلِّفُ بَيْنَنَا
أَدَبٌ أَقَمْنَاهُ مَقَامَ الْوَالِدِ
ويجب أن يكون كل أب قدوة لابنه ليكون طموح الابن بحجم شخصية والده.. يقول الشاعر/ محمد بن ناصر السياري رحمه الله:
وترى كل طيرٍ صيدته قدر هدّته
الحر حرٍ والغراب غراب
فالابن يجب أن يعي (العادات والسلوم والخشونة والرجولة)، ويجب أن يكون (وجه رجال يبخص كل شيء)؛ لأن هذا الابن سيكون ذات يوم هو الذي في الواجهة وهو الأب طال الزمن أو قصر، وإن لم يستزد من معين المرجلة في صباه فلن يتهيأ له ذلك في مشيبه، الذي لن يفيد من هُم بعده من أبنائه في هذا الشأن لأن (فاقد الشيء لا يعطيه).
وقفة للأمير الشاعر عبدالله الفيصل -رحمه الله-:
إيّاك والنمّام حَذْرَا يناجيك
نَحِّه كما يِطْرَدْ سروق الضَّرُوَّه
وإياك والبطره ترى الزود يغديك
والشر جَنِّب عنه وِشْ لك بسوَّه
والكذب راس العيب بالك يجي فيك
والطيب دامك تقدر الطيب سَوَّه
وإيّاك والعيلَهْ ومن حَلّْ واديك
ايلا قدرت اكسه من الشّر نَوَّه
تجنيبة المنقود في الناس تعليك
والخايعه تجعل لضدك جرُوَّه