أكَّدت مصادر باحثة في مجالات الخسائر الاقتصاديَّة لحوادث الحرائق في المملكة أن الارتفاع الذي شهدته حوادث الحرائق وخسائرها في المملكة العام الماضي مقارنة بالذي سبقه أتى بدافع من الالتمسات الكهربائية التي تصدرت الأسباب في ذلك، وتجاوز إجمالي الخسائر المادِّية الناجمة عن حوادث الحريق خلال 1434هـ على مستوى المملكة 211 مليون ريال مقابل ما يزيد عن 131مليون ريال خلال 1433م ليصل إجمالي الخسائر إلى أكثر 342مليون ريال في عامين فقط.
وقال الباحث الدكتور عبد الله الشعلان: هناك ارتفاع ملحوظ في حجم حوادث الحريق التي باشرتها فرق الإطفاء خلال 1434هـ في جميع المناطق عن أكثر من 42 ألف حادث (بمعدل 115حادث حريق يوميا) بلغت نسبة الحرائق المنزلية ما يزيد على 68 في المئة منها. كما أشار إلى أن «الالتماس الكهربائي» يأتي في مقدمة أسباب الحرائق سواء حرائق المنازل أو غيرها من المنشآت التجاريَّة والصناعيَّة والخدماتية، حيث تسببت في الكثير من الوفيات والإصابات ناهيك عن الخسائر المادِّية الفادحة التي منيت بها قطاعات كثيرة جراء تلك الحرائق.
وأشار الشعلان إلى أن الالتماس الكهربائي ينطوي على سوء التمديدات والتركيبات الكهربائية وعدم سلامتها وتقادمها وتحميلها أكثر من طاقتها وتحملها، إلى جانب تحميل المقابس بالكثير من الأجهزة الكهربائية في آن واحد بما يتجاوز سعاتها وقدراتها المقننة، كما ينطوي كذلك على جهل الكثر من مستخدمي الكهرباء بالطرق السليمة والصحيحة لكيفية تشغيل الأجهزة والمعدات الكهربائية مما ينجم عنه صعق كهربائي للمستخدم أو عطب لتلك الأجهزة المستخدمة وتلفها.
وأضاف: ارتفاع الحوادث الناجمة عن الالتماس الكهربائي يمثِّل جرس إنذار للالتزام بالمعايير والمواصفات القياسية المعتمدة في التمديدات الكهربائية، وعدم التهاون بشأن مراعاة جودة الأجهزة وسلامة التوصيلات الكهربائية وإجراءات الصيانة الدورية لها، كذلك استخدام العمالة الفنيَّة المدرِّبة والمؤهلة في أعمال التمديدات والتركيبات الكهربائية مع أهمية الالتزام باشتراطات الدفاع المدني في عمليات إنشاء المباني ولا سيما المنازل السكنية من أجل حماية القاطنين والممتلكات فيها.
وتابع: كوارث الحريق والصعق الكهربائي يعزى معظمها إلى سوء تمديدات واستخدامات الكهرباء إلى جانب تدنِّي ورداءة الأدوات والأجهزة والمعدات الكهربائية الواردة للسوق السعودي وعدم مطابقتها للمواصفات السعوديَّة الصادرة بهذا الشأن.
وطالب الشعلان الدفاع المدني بتكثيف برامج التوعوية للوقاية من أخطار الحرائق في المنشآت العامَّة والخاصَّة عبر تنفيذ الزيارات الميدانية وإصدار المطبوعات التوعوية والنشرات التثقيفية عن أسباب وقوع حوادث الحريق ووسائل التصدي لها والحد منها بالإضافة إلى تنفيذ الكثير من التدريبات الفرضية في المنشآت الصناعيَّة والتجاريَّة والتعليميَّة لتنمية قدرة العاملين بهذه المنشآت على التصرف السليم في حال نشوب الحرائق وتدريب مشرفي السلامة على عمليات الإخلاء السريع واستخدام أجهزة ووسائل الإطفاء الموجودة في المنشآت العامَّة أو الخاصَّة وتوجيه الرسائل التوعوية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية التي تعرف بأسباب وقوع الحرائق وطرق تجنبها والوقاية منها.
وأشار الشعلان إلى أن مخاطر حوادث الحريق وما ينجم عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات تحتم ضرورة تضافر جهود كافة الجهات المعنية في مجال التوعية الوقائية للحد من هذه الحوادث وحثّ إدارات المنشآت العامَّة والخاصَّة والمواطنين على توفير أنظمة السَّلامة ووسائل الإطفاء وأجهزة الإنذار وإجراء الصيانة الدورية لها للتأكَّد من سلامتها وجاهزيتها والسرعة والمبادرة في التعامل مع حوادث الحريق حيث إن الدخان المنبعث في بدايات اشتعال الحرائق قد يتسبب في حدوث وفيات نتيجة للاختناق في وقت مبكر من بدء اشتعال تلك الحرائق.