أكد خبيرٌ نفطي أن أهم علامتين فارقتين في أسواق النفط حالياً هما النمو الكبير في الطلب المتوقع في 2014، وخسارة النفط الليبي لفترة أطول مما كان متوقعاً، وقال الدكتور أنس الحجي لـ«الجزيرة» إن هذين الأمرين أبقيا على أسعار النفط مرتفعة من جهة، وأجبرا المحللين والخبراء على رفع توقعاتهما للأسعار عما كانت عليه بداية العام.
وأوضح أنه بالنسبة لليبيا فقد تلاشت آمال بعض الخبراء الذين كانوا يعتقدون بحل سياسي سريع في ليبيا وعودة جزء كبير من نفط البلاد للأسواق العالمية، متناسين تجربة الدول النفطية التي عانت من مشاكل سياسية والتي تشير إلى أن عودة الإنتاج أو زيادته بكميات كبيرة تستغرق عدة سنوات، وليس شهوراً.
وأضاف: أثر الخلاف الدولي مع روسيا بشأن أوكرانيا على أسواق النفط العالمية لا يُذكر وهناك مبالغات إعلامية بشأنه .. فالإنتاج الروسي لم ينخفض، ويتوقع له أن يزيد رغم الأزمة الأوكرانية.. في الوقت ذاته نجد هناك انخفاضاً حقيقياً في الإمدادات بسبب العوامل السياسية في عديد من الدول مثل ليبيا ونيجيريا والسودان وبسبب العوامل الفنية في مناطق مثل بحر الشمال.. مضيفاً أنه وفي ضوء هذه التغيرات الكبيرة وغير المتوقعة، يبرز دور السعودية، حيث غيّرت مستويات إنتاجها مع ما تراه مناسباً .. فإذا نظرنا إلى العرض والطلب منذ 2010م وحتى الآن نجد أن مجموع ما توقف إنتاجه والزيادة في الطلب العالمي على النفط أكبر من صافي الزيادات في الإنتاج في الدول المختلفة، بما في ذلك الزيادة الكبيرة في إنتاج الولايات المتحدة وكندا.
وتفاصيل الجملة السابقة مهمة لمعرفة دور المملكة، فكل الزيادات من الدول المختلفة كانت متوقعة ومعروفة مسبقاً لأن هذه المشاريع مكلفة وتستغرق وقتاً من الزمن حتى يتم الإنتاج إلا الإنتاج السعودي لأنه يأتي من الطاقة الإنتاجية الفائضة.. بعبارة أخرى، كل شيء معروف ومحسوب إلا التغير في الإنتاج السعودي، الأمر الذي يعطيها أهمية خاصة في المساعدة في تحقيق نوع من التوازن في الأسواق.
وحول الثورة الحالية المتعلقة بإنتاج النفط الصخري أكد الحجي أن ثورة النفط والغاز في الولايات المتحدة ليست ثورة «كمية» فقط، وإنما هي «نوعية» أيضاً.. فكل الزيادة في إنتاج النفط هي من النوع الخفيف العالي النوعية، أما في مجال الغاز فإن نسبة السوائل الغازية المنتجة عالية جداً.
مضيفاً أن هذه الثورة لا تتعلق بالكمية والنوعية فقط، ولكن أيضاً بالتنوع الجغرافي لمصادر النفط والغاز. فالولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتميز بتوزيع كبير لاحتياطاتها النفطية والغازية، وربط هذه الاحتياطيات بالأسواق.. بينما أغلب احتياطيات كبار الدول النفطية والغازية تأتي من منطقة واحدة.
مشيراً إلى أن هذه الميزة مهمة لأنها تفسر الاهتمام الأوروبي والآسيوي باستيراد الغاز من الولايات المتحدة، كما تفسر قدرة الولايات المتحدة على زيادة صادراتها من المنتجات النفطية والسوائل الغازية بشكل كبير في السنوات الأخيرة.. فالدول الأخرى تنظر إلى التنويع الجغرافي لمصادر النفط والغاز الأمريكيين على أنهما ميزة تخفض من مخاطر انقطاع الإمدادات المتعلقة بالطقس أو الأمور الفنية.. كما أن الاستقرار السياسي الذي تتمتع به الولايات المتحدة مقارنة بالدول المنتجة الأخرى يمنح الدول المستوردة حافزاً لزيادة اعتمادها على الولايات المتحدة .. مؤكداً أن اهتمام الدول الأخرى باستيراد النفط والغاز منها لا يتعلق فقط بوفرتها ورخصها، ولكن لأنها أيضاً قليلة المخاطر بسبب التوزيع الجغرافي لحقول النفط والغاز.
واختتم الحجي حديثه بالتنويه قائلاً: تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي لا شك بأنهما ستنتقلان إلى الدول الأخرى، ولكن ببطء، ولكن حتى لو تم تطوير هذه المصادر في الدول الأخرى فإنها لن تتمتع بالمزايا الأمريكية، خصوصاً انخفاض التكاليف والتوزيع الجغرافي .. ولعل العائق الكبير في وجه أغلب الدول هو توافر المياه وتوافر الخبرات والمهارات في هذا المجال.