أكد لـ«الجزيرة» أمين عام مجلس المنافسة الدكتور محمد عبدالله القاسم أن إجراءات التحقيق لا تزال مستمرة في قضية المؤسسات والشركات الأجنبية والوطنية المنتجة والمستوردة لحليب الأطفال الرضع في المملكة حيال ما رصد من ملاحظات خلال الفترة الماضية من ارتفاعات سعرية متزايدة ومتزامنة لمنتجاتها، وللتأكد من مدى موافقة أعمالها لأحكام نظام المنافسة، لافتا إلى أن قرار وزارة التجارة الصادر مؤخرا بشأن إخضاع سلعة حليب الأطفال الرضع لأحكام قواعد التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية وتحديد سقف أعلى لسعر بيع عبوات منتجات هذه السلعة في جميع منافذ البيع يأتي في إطار الجانب المتعلق بمسؤولية الوزارة تجاه هذه القضية ولايعني إغلاق ملفها.
جاء ذلك على هامش المؤتمر الصحافي الذي عقده القاسم في الرياض أمس بمناسبة إطلاق مجلس المنافسة حملة مشروع نشر ثقافة المنافسة. ومن المعلوم أن المجلس أتم في وقت سابق إجراءات البحث والتقصي وجمع الاستدلالات والمعلومات والضبط بشكل مشترك مع وزارة التجارة حول 7 مؤسسات وشركات أجنبية ووطنية منتجة ومستوردة لحليب الأطفال الرضع، حيث زارت فرق العمل 10 مقار رئيسية لهذه المؤسسات والشركات في الرياض وجدة بشكل متزامن، وأنهت إجراءات سماع الأقوال عن مسؤوليها وجمع الوثائق والمستندات ذات العلاقة والتحفظ عليها لحين استكمال إجراءات التحقيق، والرفع بالملاحظات على المخالفات الأخرى للجهات ذات العلاقة.
وبشأن التعديلات التي أدخلت مؤخرا على نظام المنافسة التي شملت تغليظ العقوبات والغرامات، بين الدكتور القاسم أنها قد دخلت حيز النفاذ وستطبق بحق أي منشأة يثبت انتهاكها لقوانين وأنظمة المنافسة العادلة المعمول بها، لافتا في هذا الصدد إلى أن إجمالي قيمة الغرامات التي أصدرها المجلس وصل إلى 300 مليون ريال ضد نحو 100 منشأة مخالفة بنهاية العام الماضي 2013، فيما لايزال هناك عدد من القضايا المنظورة أمام ديوان المظالم، وكان مجلس الوزراء قد اتخذت مؤخرا إجراءات جديدة حازمة من شأنها تعزيز استراتيجية المنافسة في المملكة وبما يسهم في الحد من الممارسات الاحتكارية التي تؤثر في المنافسة المشروعة للمنشآت العاملة في الأنشطة الاقتصادية بالسوق المحلية، شملت ربط قيمة المخالفة بحجم مبيعات المنشأة التي يثبت انتهاكها لتلك القوانين بما لايتجاوز 10 % من إجمالي قيمة المبيعات أو بما لا يتجاوز عشرة ملايين ريال، وإلزام المنأة المخالفة وفي جميع الأحوال برد جميع المكاسب التي حققتها نتيجة المخالفة، وهنا، أكد أمين عام مجلس المنافسة على أن جملة التعديلات الجديدة تعطي دلالة واضحة على حرص الجهات العليا على لفت نظر مجتمع الأعمال إلى حساسية قضايا المنافسة لتأثيرها الكبير على الاقتصاد الوطني، وما زيادة سقف الغرامات إلا تحذير للبعد الكلي عن الشبهات والمخالفات المتعلقة بالمنافسة، كما أن نفاذ قرارات اللجنة المتعلقة بإيقاع الغرامة أو إيقاف النشاط رادع للجهات المخالفة للحرص على البعد عن هذا النوع من المخالفات، وكذلك مسارعة المخالفين في إجراءات التظلم بأسرع وقت.
وفيما يتعلق بمستجدات فصل مجلس المنافسة عن وزارة التجارة إنفاذا لقرار مجلس الوزارة القاضي بأن يكون المجلس ذا شخصية اعتبارية مستقلة ويتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، أفاد القاسم بأن العمل جار في هذا الصدد وهو في طور التأسيس، منوها إلى أن هذه الخطوة في حال الانتهاء منها ستسهم في معالجة العوائق التي تواجه عمل المجلس بما يحقق الكفاءة العالية في الأداء عبر توفير المزايا اللازمة لاستقطاب الكوادر الفنية المتخصصة والمؤهلة في مجال المنافسة.
وبالعودة لموضوع المؤتمر الصحافي، أوضح الدكتور محمد القاسم أن المجلس يسعى لنشر ثقافة المنافسة وتعريف المجتمع بالحقوق التي كفلها نظام المنافسة، وإيجاد قنوات تفاعلية عبر شبكة الإنترنت وغيرها من الوسائل بين المجلس والمجتمع، وذلك تنفيذاً لقرارات مجلس الوزراء الأخيرة بشأن تفعيل المجلس وأداء دوره على الوجه المطلوب للمرحلة القادمة. كذلك يسعى المجلس إلى تفعيل دوره ووجوده بشكل أكبر لضمان تطبيق قواعد المنافسة العادلة، ومعاقبة مخالفي النظام، ومن هنا تأتي أهمية تنفيذ برنامج نشر ثقافة المنافسة بين أفراد المجتمع وخصوصا قطاع الاعمال، وذلك بعدد من الوسائل والطرق التقليدية والحديثة، ومنها تنفيذ ورش العمل بالتعاون مع الغرف التجارية والصناعية بمناطق المملكة المختلفة، وتطوير نشرة إلكترو نية ربع سنوية للمجلس لتساهم في نشر أسس ومفاهيم المنافسة العادلة ونقل التجارب الدولية في هذا المجال وتغطية الفعاليات ذات العلاقة بالمنافسة ودورها الاقتصادي والاجتماعي.
وبين القاسم، أن نظام المنافسة يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز وتشجيع المنافسة العادلة ومكافحة الممارسات الاحتكارية المخلة بالمنافسة المشروعة، وكذلك زيادة الوعي بأهمية المنافسة ودور المجلس نحو زيادة ثقافة المنافسة لعدد من الجهات المستهدفة من نشاط المجلس في القطاع الحكومي والخاص، وكذلك المختصون ذوو العلاقة بمناشط وبرامج المنافسة في القطاعين. كما استعرض أمين عام مجلس المنافسة الملامح الأساسية لمشروع نشر ثقافة المنافسة، موضحا أنه جرى تقسيم الجهات والفئات المستهدفة من هذا المشروع لعدد من الفئات والتي قد تتقاطع مهامها وأدوارها مع المجلس، سواء القطاع الخاص بمختلف فئاته وقطاعاته، وكذلك الجهات الحكومية مع التركيز على إدارات المشتريات والعقود لديهم، ومختلف العاملين في مجال المحاماة والقضاء مع التركيز على قضاة ديوان المظالم، والأكاديميين والطلبة في تخصصات القانون والأنظمة والشريعة والاقتصاد.
كذلك حرص المجلس على تطوير خدمات إلكترونية جديدة، مثل خدمة «تركزهم يهمنا»، والتي يقدمها المجلس للقطاع الخاص وذوي العلاقة لإبداء مرئياتهم حيال طلبات التركز الاقتصادي التي ترد إلى المجلس بحيث يتاح لهم من خلالها تقديم آرائهم ومقترحاتهم والآثار المترتبة على إتمام عملية التركز الاقتصادي مع تزويد المجلس بأي مستندات ووثائق مؤيدة لآرائهم بخصوص عملية التركز التي يقوم المجلس بدراستها وذلك لضمان عدم تأثير العملية على المنافسة العادلة.
أما فيما يتعلق بالمبادرات والدراسات التي يقوم بها المجلس، أشار القاسم إلى أنه تم تطوير خدمة إلكترونية بمسمى «بادر» لتقديم آرائهم ومقترحاتهم حول الدراسات أو الشكاوى التي يدرسها المجلس وذلك وفقاً لأحكام نظام المنافسة والحد من الممارسات الاحتكارية غير المشروعة.
كما يعتزم المجلس إطلاق برنامج «تدريبي» متكامل يتم تنفيذه من خلال عقد عدد من الدورات التدريبية للمستهدفين من برامج المجلس، للحد من مخالفات نظام المنافسة والحد من المخاطر الناتجة عن المخالفة، توفير وسائل وارشادات لتحديد هذه المخاطر في الوقت المناسب، وتحديد الإجراءات التي يجب اتباعها في حالة ارتكاب المخالفة، وتستهدف هذه الدورات الإدارة العليا، ومديري الإدارات القانونية والتسويق والمبيعات، وكذلك إدارة المشتريات والمناقصات في الجهات الحكومية، والعاملين فيها. وتشمل هذه الدورات أيضا برنامج توافق نظام المنافسة مع المنشآت التجارية، وبرنامج تبادل المعلومات بين الشركات المتنافسة، وبرنامج الحد من التواطؤ في المناقصات الحكومية.