عند الإفصاح عن إستراتيجية معيّنة، من الضروري أن يعمد واضعها، في إحدى المراحل، إلى مراجعة عمله مع القائد. وإن كان واضع الإستراتيجية رئيسًا تنفيذيًا، وُضعَت مهمّة مراجعتها على عاتق مجلس الإدارة. وإن كان واضع الإستراتيجية رئيس وحدة أعمال، عُهِدَت عمليّة المراجعة إلى الرئيس، وهكذا دواليك على امتداد الهرم التراتبي في المؤسسة.
واللافت أن هذه العمليّة تكاد لا تتغيّر، بغضّ النظر عن هويّة المشاركين فيها. وفي سياقها، يواصل خبير الإستراتيجيات العمل حتَّى تصبح إستراتيجيته متماسكة، ومن ثمَّ ينظّم اجتماع مراجعة مرفقًا بعرض «باوربوينت»، يستعمله للدفاع عن الإستراتيجية التي وضعها.
أمّا الهدف من هذه العمليّة، فهو الفوز بالنجمة الذهبية كعربون تقدير على وضع إستراتيجية مثالية، ويعلم واضع الإستراتيجية ومراجعها أن هذا ما تقوم عليه النتيجة المنشودة، ويعرف كلّ منهما أن الآخر على علم بهذه الحقيقة. وبالتالي، يستعرض واضع الإستراتيجية عمله، معتبرًا أن كل ما يشمله هو كلام مُنزَل. أمّا المراجع، فيقدّم النجمة الذهبية لواضع الإستراتيجية في كلِّ المرّات تقريبًا، ولا يُصدر إلا عددًا صغيرًا من الملاحظات، لمعرفته بأنّ أيّ انتقاد جدّي سيثير استياء واضع الإستراتيجية.
تنطوي هذه المقاربة على تداعيات مؤسفة، لأن القائد الذي يتولى دور المراجعة يصبح معدوم الجدوى تقريبًا. وهو أن مَنح نجمة ذهبية، لن يضيف أيّ عنصر ملموس إلى الإستراتيجية. وحتّى لو كانت لديه بعض التحفّظات الطفيفة، فسيكون الإفصاح عنها معدوم الجدوى بسبب عدم تناسب الوقت للكلام عنها.
من الضروري أن يستفيد واضع الإستراتيجية قدر الإمكان من خبرة القائد، بمعنى أن يقصده منذ البداية وبوتيرة متكررة، من دون الانتظار حتَّى تصبح إستراتيجيته منمّقة، ولا تتطلّب برأيه إلا تربيتًا على الكتف. وبدلاً من ذلك، يستحسَن تطوير سلسلة من التفاعلات المنتجة:
+ اقصد القائد منذ البداية، واعرض عليه التَّحدِّي الذي تريد مواجهته، ولذا يقوم على وضع إطار للإستراتيجية.
واسأله إن كان بإمكانه أن يقترح طريقة أخرى لتحديد إطار هذه الإستراتيجية.
- عد إليه واستعرض على القائد الاحتمالات التي توصّلتَ إليها. واسأله إن كان يريد أن يطرح عليك احتمالات أخرى
- عد إلى القائد مرّة ثالثة، بعد تحليلك لكل المقاربات الممكنة، وسؤال نفسك عمَّا يُعدُّ صائبًا ويجعل كلّ مقاربة من مقارباتك منطقيّة.واسأل قائدك إن كان يَودُّ طرح ظروف صائبة أخرى، وإن كان يشكك في بعض الموضوعات المحددة.
وإن فعلت ما سبق، حصلتَ على ثلاثة أمور رائعة:
- فأنتَ ستحصل على أفكار من شأنها تحسين طريقة تفكيرك في المشكلة.
- لن تُرغَم على إنجاز أعمال إضافية هادرة للوقت بعد الانتهاء من عملية المراجعة.
- سيكون لديك قائد متحمس حيال النتيجة لأنَّه ساعد على رسم معالمها.
بهذه الطريقة، ستحوّل قائدًا معدوم الجدوى إلى مصدر قيّم في مجال وضع الإستراتيجيات.