لا جدال في أن الولايات المتحدة هي أعظم دولة ديمقراطية في العالم. هذا، مع أنها ديمقراطية «منتقاة»، كما سبق وأن كتبت في عشرات المقالات، وهذا لا يقلل من الديمقراطية كقيمة كبيرة، ولكن هذا ما أراده الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، والذين خلد التاريخ أسماءهم، وهم عسكريون بالمناسبة، أيها اليساريون العرب، يا من تعارضون حكم العسكر، وتقفون موقفاً حاداً ضد ترشح عبدالفتاح السيسي في مصر!!، وعندما أقول «ديمقراطية منتقاة»، فإنني أعني أنه لا يمكن أن يفوز برئاستها أي أحد، من خارج الحزبين الرئيسيين، الجمهوري، والديمقراطي، كما أنه لا يمكن، وبسبب سطوة اللوبيات المتنفذة، أن يفوز بالرئاسة، أو حتى ما دونها، من له موقف ضد سياسة أي من لويبات المصالح الأخرى، والأمثلة أكثر من أن تعد، وتحصى.
لو لم تكن الديمقراطية الأمريكية منتقاة لكان أولى الناس بالفوز بالرئاسة السيد روس بيرو، ذلك الثري التكساسي، والسياسي المستقل، والذي كان حقاً يطمح في غربلة السياسة الأمريكية، وكان مخلصاً في ذلك، ومع ذلك فإن سيف الإعلام تجاهل كل مميزاته، على حساب المرشحين الآخرين، بيل كلينتون، وجورج بوش الأب، في عام 1992، بل إنهم استخدموه للإطاحة ببوش الأب، وهذه قصة طويلة سبق الكتابة عنها، ولو لم تكن الديمقراطية منتقاة لفاز بالرئاسة المرشح الجمهوري، رون بول، السياسي، والمثقف البارز، والمواطن الأمريكي الذي يريد أن تكون مصلحة أمريكا فوق الجميع، ولو لم تكن منتقاة لفاز بالرئاسة المرشح المتميز، رولف نادر، والذي تجمع النخب الأمريكية على أنه واحد من أبرز الساسة الأمريكيين، وهذا ليس هجاء للديمقراطية، بل حديث عن واقع، تؤكدة المقولة الغربية الشهيرة: «الديمقراطية أفضل أشكال الديكاتوريات!».
ونحن نرد بهذا على إخوان السعودية، والذين يتغنون بالديمقراطية، وفي ذات الوقت لا يطيقون أن يحاورهم أحد، وإن فعل فمصيره الإقصاء، والطرد!!، فمصر تمر بمنعطف خطير، بعد أن أدركنا جميعاً حجم المؤامرة، والخديعة الأمريكية - الإخوانية، والتي تم التخطيط لها بعناية فائقة، ووقع المواطن العربي المحبط في شراكها، بمساعدة من دويلة المخابرات، وإعلامها، ثم تبينت لنا الحقيقة المرة، في ضحى الغد، وعندها أدرك شرفاء العالم العربي أنه لا بد من التصدي بقوة لوقف هذه المؤامرة الأممية، والتي تهدف إلى تمزيق الأمة العربية، وبيعها في مزاد السمسرة السياسية بأرخص الأثمان، على يد التنظيم الدولي للإخوان، وهنا نؤكد أنه، ورغم كل ما يقال عن انتخابات مصر، فإن المهم هو عودة مصر العروبة إلى حضنها الطبيعي، وعودة الأمن، والاستقرار إليها، لأن هذا هو صمان الأمان لعالمنا العربي، الذي يراد له أن يتفجر، ولئن زعم الحزبيون، والانتهازيون أن الانتخابات المصرية الأخيره اعتراها بعض الأخطاء، فإننا نحيلهم إلى المهزلة التي جرت في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1960، بين كينيدي، ونيكسون، والمهزلة الأخرى التي كان بطلها حاكم ولاية فلوريدا، جيب بوش لصالح شقيقه المرشح الجمهوري، جورج بوش الابن، في عام 2000، ولا تسمح مساحة المقال لذكر التفاصيل، فرجاء توقفوا عن المثاليات الزائفة، فانتصار مصر على المؤامرة، وعودتها إلى محيطها العربي هو الانتصار الكبير، سواء حكم المشير السيسي، أو غيره من أبناء مصر المخلصين!!.