تختلف الانتخابات الرئاسية الدائرة الآن في الشقيقة مصرالعربية عن سابقاتها في العهد السياسي العسكري الذي عاشته القاهرة منذ ثورة 23 يوليو1952 حيث اختار ضباط الثورة أكبرهم رتبةً وسنًا الرئيس الأول للجمهورية المصرية الحديثة وبعد أن استقر الوضع السياسي وتَمكَّنت الثورة داخليًّا وتم الاعتراف الدولي بحكم العسكر انقلبوا على رئيسهم المختار اللواء محمد نجيب وتم إبعاده عن كرسي الرئاسة وتم اختيار الرئيس جمال عبدالناصر بقرار مجلس قيادة الثورة بالأكثرية لكرسي الرئاسة وانسحاب خالد محيي الدين من عضويته وتأسيسية لحزب سياسي يساري معارض وتم تجديد الرئاسة بعد مرور أربعة أعوام للرئيس الراحل عبدالناصر بانتخابات دون منافس وبأغلبية 99 % ورافقت هذه النسبة الانتخابية كل الرؤساء العسكر أنور السادات ومحمد حسني مبارك في عهودهما الرئاسية أما عهد الرئيس الخامس فحالة مثل عهد الرئيس الراحل محمد نجيب فانتخب ودام حكمه عامًا واحدًا نحي بعدها بقرار الشعب المصري بانتفاضة الثلاثين من يونيو 2013م... رشح السياسي المصري حمدين صباحي نفسه لرئاسة مصر منافسًا للمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق الشخصية العسكرية الوطنية التي طالبها الشعب بالترشح لقيادة مصر الجديدة في مرحلتها الانتقالية والمصيرية بعد تعرضها لحالة من الفوضى الأمنية والانهيار الاقتصادي والتخبط السياسي في عام الرئيس محمد مرسي!
تتميز الانتخابات الرئاسية الحالية بتنافس ثنائي بين سياسي مدني حمدين صباحي الذي يتمتع بماضٍ وطني عريق تمثّل بمعارضته وجرأته الشجاعة في مواجهة عهد الرئيس الراحل أنور السادات وممثلاً للتيار الناصري في هذه المنافسة الرئاسية أمام المشير عبدالفتاح السيسي الذي يحظى بالتأييد الشعبي والعسكري، وقد تحمل مسؤولية التحوّل الوطني لإنقاذ الدولة المصرية من الانحدار إلى مرحلة المجهول سياسيًّا واقتصاديًّا وبناءً على نداء الشعب المصري له في ثورته الثانية في الثلاثين من يونيو التي أدت إلى إنهاء عهد الرئيس مرسي وبداية المرحلة الانتقالية لمدة عام للتحضير للتصحيح الدستوري بإصدار الدستور الجديد والاستفتاء عليه تنفيذًا لخطة الطريق التي رسمتها القوى الوطنية المدنية للمرحلة الانتقالية وثم بداية مرحلة الانتخابات الرئاسية التي نعيش أيامها الأخيرة.
المرشحان السيسي وصباحي عرضا برنامجهما الانتخابي وتشابهما ايديولوجيًا فكلاهما يتبع خطى النهج الناصري سياسيًا وتقدم صباحي خطوة في تحليله في ملفي السياسة الخارجية والاقتصاد، أما المشير السيسي فبرز في برنامجه الانتخابي المبشر بحلول جذرية للمشكلات الموروثة من العهود السابقة وخاصة الملف المهم لتحقيق الأمن والاستقرار لشعب مصر وإنهاء عهد الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد منذ تنحي الرئيس مرسي ونهاية عهد الإخوان المسلمين وكذلك تفوق السيسي على منافسه صباحي في ملف العلاقات العربية وترسية سياسة خارجية مصرية تعتمد على مناعة الأمن القومي العربي وتعميق حالة التضامن والتكامل بين دول الأمة العربية وصيانة أمن الخليج العربي وتنمية الاستثمارات العربية والأجنبية للاقتصاد المصري الذي يشكو من العجز والتجميد بقطاعاته الرئيسة كالسياحة والصناعة وأعلن التيار الإسلامي المعتدل تأييده للمشيرالسيسي ومعهم الإخوة الأقباط الذين أعلنوا دعم حملة المرشح السيسي علاوة على تأييد المؤسسة العسكرية لقائدها المشير السيسي!
نتائج انتخابات الخارج ثبتت التوقع بفوز المشير السيسي الذي فاز بأكثر من 90 % من مجموع الأصوات وهي مؤشر حي لنجاح السيسي بفوز كبير يذكرنا بانتخابات العسكر الرؤساء السابقين والذين حققوا نتائج خيالية بنسب لا تتغيَّر 99 % من مجموع أصوات الناخبين..
تحية تقدير قومية من كل أبناء مصر العربية ومعهم أشقاؤهم في كلِّ العالم العربي للمستشار الرئيس عدلي منصور الذي أدار المرحلة الانتقالية ونفذ خطة الطريق بكلِّ وطنية وأمانة ليسلّم الراية للرئيس الفائز معلنًا بذلك عهدًا جديدًا لديمقراطية تصحيحية تمارسها القوى الوطنية بكلِّ حرية في الشقيقة الكبرى مصر العربية.
إننا نتمنى أن نراقب عملية انتخابية شفافة وتنافسية بين مرشحين وثق الشعب المصري بماضيهم وحاضرهم الوطني ونهنئ الشعب الشقيق بالفائز منهما ليحتل كرسي الرئاسة السادسة المصرية ويقودها نحو شاطئ الأمن والسلام والتنمية الاقتصادية وتحقيق المصالحة الوطنية التامة والشاملة بين كل القوى الوطنية والإسلامية وتشكّل الأساس القوي لوحدة شعب أرض الكنانة العربي..