قرأت ما كتبه الكاتب بصحيفة (الجزيرة) محمد آل الشيخ يوم الأحد 5-7-1435هـ العدد 15193 حول النقص الحاد في المياه الجوفية. وأقول إن المياه تنقسم إلى قسمين سطحية وهي التي تكون بأعماق قريبة من 30 - 60 متراً تقريباً ومياه جوفية وهي التي تكون بأعماق بعيدة بمكامن خاصة وهي غير متجددة ولا يزيد منسوبها هطول الأمطار مهما كانت كميته وقد كانت منذ أربعين سنة تخرج بشكل ذاتي (مياه فوارة) وبدرجة حرارة عالية ببعض المناطق عندما كانت الآبار الجوفية قليلة وقل اندفاعها الذاتي شيئاً فشيئاً بعد الشروع بزراعة القمح حتى توقفت تماماً ووضع عليها مضخات لرفع المياه لأن تلك المياه قد استنفدت بزراعة القمح وقل منسوبها وبعد التوقف عن شراء القمح ابتدأ المزارعون بتأجير مزارعهم لعمالة وافدة وبدأوا يزرعون البرسيم والبطاطس بمساحات شاسعة واستهلاك للمياه بشكل مهول والمستفيد العمالة الأجنبية لأنها وفرت فرصاً لأصحاب الحراثات والبذارات والحصادات واللبانات ومن يخرج البرسيم من المزرعة ومن ينقله للمنطقة أو خارج المنطقة واستمرت الحال على هذا المنوال؛ الفائدة لغيرنا ونقص المياه علينا ولكم أن تتصوّروا مزرعة فيها أربعة محاور لكل واحد منها بئر خاص لا تتوقف عنه المياه أبداً صيفاً وشتاءً ليلاً ونهاراً ولكم حساب كميات المياه إذا كانت كل مضخة بقطر 15 سم (6 بوصة)، بل لكم أن تتصوّروا حجم المياه المتدفقة مما يقارب 7 آلاف بئر مماثلة وذلك في منطقة تقع شمال غرب بريدة بـ60 كم. إنها باندفاعها مجتمعة تماثل نهر النيل ومع استمرار الوقت بدأت تنخفض مناسيب المياه الجوفية مما اضطر المستأجرين الأجانب لتنزيل بعض الأبراج من المحاور الزراعية أو تركيب مضخات كبيرة جداً كل هذا يحدث ونحن بلد صحراوي تزداد فيه معدلات النمو البشري والاستقطاب السكاني بشكل لافت للنظر. إن زيادة التعرفة لن تقلّل من استهلاك المياه في المنازل وما قيمة ذلك مع هذا الهدر الهائل جداً من المياه بمزارع البرسيم التي ليس لها مردود اقتصادي اللهم إلا تشغيل تلك العمالة الوافدة، إننا سوف ندخل بحالة متناقضة أن نترك تلك الآبار بأيدي تلك العمالة الوافدة مع الهدر العبثي للمياه وفي نفس الوقت نطالب بزيادة التعرفة على استهلاك المواطن من الماء لمنزله. إن ترك تلك المزارع التي يصح أن نطلق عليها مزارع الهدر العبثي لهو أمر مقلق، حيث إننا لم نستفد مطلقاً إلا تشغيل العمالة الوافدة لحسابها الخاص وقص المياه التي هي خزن إستراتيجي للأجيال القادمة، فنحن انتقدنا وبشكل حاد زراعة القمح وكنا محقين في ذلك وها نحن نكرر تلك الزراعة مرة أخرى بمنتج ليس لنا به ناقة ولا جمل فبائع البذور أجنبي والمستأجر أجنبي وصاحب الحراثة أجنبي وصاحب الحصادة أجنبي وصاحب الناقلة أجنبي والبائع أجنبي والمشتري للأغنام أجنبي.
ماذا بقي لنا وما هي فوائدنا؟ الإجابة بشكل موجز أننا عالجنا بطالة غيرنا ونفدت مياهنا.
إنني أهيب بوزير المياه النشط أن يتدارك ما بقي من تلك المياه التي نراها تنقص كل عام حتى إن بعضها كانت بعمق 20 ماسورة والآن بعمق 55 ماسورة.
إنني أتكلم عن منطقة تقع بالقرب من جبل ساق بالقصيم ولا سيما أن وزارة المياه قد جعلتها مصدراً لسقيا قرى الدرع العربي.. هذا والله من وراء القصد.