في عام 2006م كانت طائرة أمريكية تسافر من مدينة لأخرى.
كان من ركابها ستة مسلمين، ورغم أنهم لم يفعلوا أي شيء مريب إلا أن مظهرهم وكلامهم أثار خوف بعض الركاب، فأبلغوا طاقم الطائرة عن مخاوفهم والذين أبلغوا السلطات الأمنية بذلك (!)، فاعتُقِل المسلمون الستة ووُضعِت الأغلال في أيديهم لما هبطت الطائرة واصطُحبوا للاستجواب، وبعد ساعات من المساءلة اتّضح أنهم مسافرون عاديون وليسوا مريبين ولا مرتبطين بأي نوع من الأعمال التي تعارض القانون الأمريكي، فأُطلِق سراحهم.
رغم أن المسلمين هم المظلومون هنا إلا أن هذا لم يكن ذا تأثير عند بعض مَن أعمى الحقد بصائرهم، ذلك أن مقدّماً إذاعياً اسمه جيري كلاين قدّم برنامجه الإذاعي كالعادة لكن هذه المرة فعل شيئاً جديداً: تكلّمَ عن تلك الحادثة وأيّدها. لكن لم يكن جاداً، وإنما كان يريد توضيح خطورة الحقد والتعصب لدى بعض الناس وسهولة استثارته لديهم، فما هو إلا قليل حتى أتت الاتصالات للبرنامج، فالبعض عارض كلاين وقال: إن المسلمين ليسوا كلهم عنيفين، ولكن شخصاً تكلّم وقال: إن كلاين محق! بعدها أتى اتصال وقال: إنه يؤيد كلاين وأن المسلمين يجب أن يُميَّزوا بأن يوشموا (قسراً!) بعلامات على الذراع والجبين توضّح أنهم مسلمون، أو أن يلبسوا شارات على الأقل تبيّن هذا! وهناك من أوصى بأن يُطرَد المسلمون من الولايات المتحدة كلهم، ولعله أرحم بالمسلمين من متصل آخر اقترح أن يُجمَع المسلمون في سجون جماعية مثلما فعلت الولايات المتحدة بالأمريكان ذوي الأصل الياباني وقت الحرب العالمية الثانية التي كان من أطرافها المتحاربة اليابان من جهة وأمريكا من الجهة الأخرى، فرغم أنهم مواطنون أمريكيون إلا أن مظهرهم وأصلهم كان كافياً ليجعل الحكومة الأمريكية تعتقلهم وتودعهم السجون ريبة فيهم.
كان المقدّم كلاين يشمئزّ من هذه الاتصالات الحاقدة لكنه أكمل التجربة، وكان يسأل نفسه طيلة الوقت: متى نتوقف؟ أما لهذا الحقد من نهاية؟ ولما زادت الاتصالات السلبية أعلن حقيقة تلك الحلقة وهي أنها كانت تجربة لتوضيح مدى خطورة التعصب وأنه لم يكن جاداً في كلامه ضد المسلمين، وقال للمستمعين – مُخصّصاً المتعصبين - : «إنني مشمئز من أنكم صدّقتموني ووافقتموني، ومَن وافقني منكم ولو ثانية واحدة لهو شخص مريض، فكيف تظنون أني حقاً أريد وشم المسلمين في أذرعتهم وتمييز لباسهم وجوازاتهم برمز الهلال؟»
أثارت التجربة ضجة كبيرة وأتت بعدها مكالمات ورسائل الكترونية من أنحاء العالم، والحقيقة أنها تجربة نشكر عليها المقدّم جيري كلاين والذي حارب التعصب ضد الإسلام بطريقته الخاصة، ويؤسف أن التعصب ضد الإسلام في الولايات المتحدة وصل لتلك الدرجة، رغم أن الحادثة الأساسية –و التي أثارت الموضوع أصلاً، أي طرد المسلمين من الطائرة – كانت ظلماً للمسلمين.