«ايردستال». من يسمع هذه الكلمة فقد يتخيل سيارةً أوروبية، أو شيئاً له علاقة بالكريستال (البلور)، أو ربما سيارة أوروبية مُطعّمة بالكريستال!
لكنها لا علاقة لها بذلك. كلمة ايردستال تعني نوعاً من الأنفاق الأوروبية المحفورة تحت الأرض، وهذه ليست مثل المعروفة والتي تمر خلالها السيارات بل هي من نوع آخر، فهي أنفاق موجودة في عدة مناطق في أوروبا وخاصة في ألمانيا، ولا يدري أحدٌ لِمَ بُنِيَت.
ما هذه الأنفاق؟ ما شأنُها وما سبب وجودها؟ أسئلة حيّرت الجميع، فهذه الأنفاق موجودة أيضاً في النمسا وإيرلندا وفرنسا، وحتى هناك فهي تحمل نفس خصائص ايردستال، لكن أكثرها في ألمانيا خاصة أسفل ولاية بافاريا. أما صفات النفق فهو ضيق ومنخفض السقف وارتفاعه متر أو متر ونصف، بل لا يتعدى ارتفاعه 70 سم أحياناً، ولا يستطيع الشخص إلا أن يحبو حبواً، وسيضايقه أن عَرض النفق لا يزيد عن 60 سم. طول النفق أيضاً قصير ولا يمتد مسافة طويلة، فطول النفق الواحد 20 متراً وفي أطول حالاته لا يتجاوز 50 متراً. الأنفاق مظلمة وكاتمة، ومداخلها توجد في مطابخ البيوت التي في المزارع، وكذلك توجد المداخل قرب الكنائس والمقابر وحتى في منتصف الغابات.
ما محتويات النفق؟ هل مِن دليلٍ أو أثرٍ يُنْبئنا بكُنهها أو غرضها؟ لا شيء إطلاقاً! رغم أن الأنفاق كثيرة وتبلغ المئات (منها 700 نفق في ولاية بافاريا الألمانية) إلا أننا لم نجد أي شيء يفيدنا بسبب حفر هذا العدد الكبير من الأنفاق، فلم تكن مثلاً مكاناً لإخفاء الثروة الحيوانية لأننا لم نجد أي أثر لفضلات الحيوانات، ولم تكن مخازن للمال والأدوات والأغراض، ولم نجد إلا رحى في أحد الأنفاق، وحديدة حراثة وُجِدَت في آخَر، وغير ذلك فالأنفاق نظيفة وخالية تماماً من أي شيء، وقد أثارت اهتمام أحد المستكشفين الهواة وهو رجل اسمه لامبرت كارنر، فمشّط 400 نفق ليبحث عن أي أثر ولم يجد شيئاً! هذا ينفي كون الأنفاق ملجأً وقت الحرب أو مسكناً للبشر، لأن هذا يحتّم أن نجد آثاراً أو أدوات بشرية فيها كلها.
كما يفعل البشر دائماً مع الأشياء الغامضة فقد ظهر في التراث الألماني أساطير تفسّر وتروي قصة هذه الأنفاق، فإحدى الأساطير تقول إن عفاريت صغيرة تسكنها! ولكن لا لوم عليهم، فحتى العلماء والباحثون والمنقبون عجزوا عن تفسير هذه الأنفاق وسبب وجودها، حتى أن أحدهم قال إنها قد تكون مكاناً وضعوا فيه المعاقين عقلياً!
الشيء الوحيد الذي نعرفه هو أن عمر هذه الأنفاق يقارب الألف سنة، وحتى هذه ليست قطعية، واعتُمِد فيها على فحص لعمر بعض الفحم الموجود في أحد الأنفاق والذي وجد أن الفحم يعود لفترة بين عامي 1030م و1210م، وبعض الأحجار التي وُضِعَت في نفق آخر ترجع لما بين عامي 1034م و1268م.
على وفرة هذه الأنفاق إلا أننا لا ندري إلى الآن لماذا حُفِرَت ولا فيمَ استُخدِمَت. ما شأنها يا ترى؟