يُمكن النظر للمباني الحكومية الحديثة والعصرية على أنها واجهة حضارية للمدن والمحافظات، إضافة إلى ما توفره مرافقها الشاملة من راحة وتقبُّل لدى المواطنين، وجودة في الخدمة، ورفع كفاءة العاملين الذين ترتبط إنتاجيتهم ببيئة العمل. بعض الإدارات الحكومية، وفي مقدمها مبنى المحافظة، المحكمة، والمباني الأمنية، يفترض أن تكون واجهة حضارية للمحافظات، ومعلْماً من معالم المدن، وبيئة مساعدة على الإنتاج.
أحسب أن الهيئة الملكية للجبييل وينبع من المؤسسات الحكومية التي تتعامل باحترافية مع مشروعات المباني وكأنها منتجات تسويقية، لا مباني حكومية تقليدية.. فهي تهتم كثيراً بتفاصيل التفاصيل، ما يجعلها تركز على تصميم المبنى بحسب احتياجات الجهة المستخدمة له، فيأتي المنتج متكاملاً ومتوافقاً مع الحاجة، دون أن يُحمّل مستخدميه مستقبلاً إجراء بعض التعديلات، أو إدخال إضافات لا يمكن العمل دونها، وهو أمر شائع في كثير من المباني الحكومية. آلية التصميم والبناء تضمن، بإذن الله، تحقيق كفاءة الإنفاق، وجودة التنفيذ، وسلامة المخرجات.
تجلى في مجمع الدوائر الحكومية بمحافظة الجبيل الذي توسط موقعه، المدينتان المتلاصقتان، إبداع الهيئة الملكية بالجبيل في تقديم منتجات المباني الحديثة للإدارات الحكومية المعنية، التي راعت فيها جميع المتطلبات، والاحتياجات، ما جعلها أنموذجاً للمباني الحكومية المطلوبة. تنفيذ الهيئة الملكية للمباني ساعد في إعطائها مساحة من التغيير في التصاميم التقليدية، والنهج الحكومي في البناء. أسهمت الهيئة في معالجة ندرة المباني الحكومية، وقدم بعضها، مع محدودية الأراضي المتاحة للبناء، وعملت على إزالة كثير من المعوقات الإدارية التي حالت دون حصول محافظة الجبيل على مشروعات جديدة للمباني الحكومية تتوافق مع الاحتياجات المتجددة والكثافة السكانية.
الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أشار خلال افتتاحه لبعض مشروعات الهيئة الملكية إلى «أن الفخر دائماً يكون بالكوادر البشرية السعودية التي تدير مثل هذه التقنيات الحديثة». ربما تكون الكوادر السعودية الكفؤة من أهم ما تتميز به الهيئة الملكية بالجبيل، وهو أمر يمكن ملاحظته في جميع مرافقها الإدارية، الهندسية، والتقنية. أعتقد أن الخبرات التي يتمتع بها بعض قياديي الهيئة الملكية بالجبيل تؤهلهم لإحداث التغيير المنشود في إدارة التنمية الحديثة التي يطمح لها الجميع.
يحرص الأمير سعود بن نايف على المشاركة الفاعلة في التنمية، من خلال الدعم والتوجيه وتقدير العاملين في خدمة الوطن. المشاركة الفاعلة من أساسيات التحفيز والتطوير، وهو نهج إداري محبب للمواطن والمسؤول على حد سواء. أحسب أن الأمير سعود بن نايف سجل رقماً قياسياً في مشاركاته إنجازات المنطقة، وزياراته مدنها ومحافظاتها، في فترة زمنية قصيرة، وهو ما سينعكس إيجاباً على مخرجات التنمية، وتطوير المنطقة الشرقية - بإذن الله -.
الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، أكد أن «الهيئة الملكية سبّاقة وحريصة على التعاون الذي تجاوز إلى أن وصل للتكامل مع الدوائر الحكومية»، وهو تكامل، أجزم بأنه، يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ومحافظة الجبيل بشكل عام. الأمير سعود بن عبد الله أسهم في إزالة بعض معوقات التنمية في الجبيل، وشارك بفاعلية في إنجازها، وإن كنا نطمع من سموه بالمزيد من المشروعات التكاملية، وإحداث التغيير المنشود في نظام الهيئة الذي يحد (نظامياً) من مساهماتها في مدينة الجبيل برغم تداخلها واندماجها الكلي مع الجبيل الصناعية.
نجحت الهيئة الملكية بالجبيل بكوادرها السعودية المتخصصة والكفؤة، في التصميم والإشراف المباشر على مجمع المباني الحكومية، ونجحت إدارتها التنفيذية في تحويل الرؤية إلى واقع معاش، وتنمية المدينة الصناعية بشكل متميز. أجد في الدكتور مصلح العتيبي، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بالجبيل، قدرة على الإبداع والتطوير التنموي. خلفيته الأكاديمية، ورؤيته الوطنية، تدعمان وبقوة خطط التنمية الشاملة والمتوازية بين القطاعين الصناعي والمدني، وهو أمر لا بد من توافره لضمان الجودة والكفاءة. لم يكن أمر تقديم تلك المباني لبعض الإدارات الحكومية هيناً، فالبيروقراطية تتسبب في بطء حركة القبول، وحرمان المدينة والمواطنين من بعض منتجات التنمية. أحسب أن لدى الدكتور مصلح الكثير من الرؤى التنموية الشاملة، التي لا تتوقف على الجبيل الصناعية بل تتعداها إلى مساحة الوطن الرحبة، بما فيها مدينة الجبيل التي تتطلع بشوق إلى مزيد من المشروعات التنموية والتطويرية المشتركة خصوصاً في جانب الربط الأمني والمروري الإلكتروني، التخطيط الإستراتيجي، والتعليم، والترفيه، والخدمات الاجتماعية.
شكراً لكل من خدم الوطن، في أي شبر من أراضيه، شكراً لرواد التنمية وداعميها، شكراً للسواعد الوطنية المتميزة.