ستكشف لك الشركات بمعظمها عن رغبتها في تعيين «عاملين متميّزين». ولمَ لا؟ يصعب الاعتراض على فكرة تطوير شركة بالاستناد إلى أفضل المواهب على الإطلاق.
ولكن كيف سيسمح تعيين أصحاب مواهب خارقة بتحسين الأداء فعلياً؟ أثيرت هذه المسألة في بحث صدر مؤخراً عن «المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية»، المنظّمة الأميركيّة غير المتوخّية للربح، عبر التطلّع إلى الدوائر الأكاديمية، حيث تقاس الإنتاجية بالنظر إلى عدد البحوث الصادرة والاقتباسات المأخوذة عن باحثين آخرين، ويشار إلى أنّ أصحاب المواهب الخارقة، في تعريفهم، هم الأكاديميّون الذين احتلوا نسبة تزيد عن 90 في المائة من الاقتباسات المستعملة في المؤلفات الصادرة. ويتطرّق البحث إلى ثلاث طرق مختلفة تمكّن أصحاب المواهب الخارقة من تحسين المؤسسة، وتقيس نفوذ كلّ منهم ضمن إطار الدوائر الأكاديميّة في مجال علم الأحياء التطوّري. وتقضي الطريقة الأولى، وهي الأكثر وضوحاً، بزيادة الإنتاج المباشر لصاحب الموهبة الخارقة. وبالتالي، ينبغي توظيف شخص قادر على إنجاز كم كبير من الأعمال المتميّزة بسرعة، لتبدأ مؤسستك بإنتاج المزيد من الأعمال المتميّزة.
لكن ذلك لا يمثل إلا جزءاً صغيراً من التغيير الذي يحدثه أصحاب المواهب الخارقة في الإنتاج. ويكتب المؤلفون: «بالمعدل، يزداد مستوى الإنتاج في الدائرة المذكورة بنسبة 54 في المائة بعد وصول صاحب المواهب الخارقة، علماً بأنّ تأثير صاحب الموهبة الخارقة، في الجزء الأكبر منه، لا يكون مباشراً: فبعد إزالة المساهمة المباشرة لهذا الأخير، يواصل مستوى الإنتاج في الدائرة ارتفاعه بنسبة 48 في المائة».
وقد أعطى البحث تفسيرين محتملين لهذا التأثير غير المباشر، ويفيد الأول بأن صاحب المواهب الخارقة يسمح بزيادة إنتاجية زملائه، والثاني بأنه يساعد المؤسسة على توظيف مواهب أفضل.
واكتشف الباحثون أن تأثير صاحب المواهب الخارقة في التوظيف شكّل محفزاً أكبر بكثير لتحسين إنتاجيّة المؤسسة. وبعد سنة واحدة فقط من انضمام صاحب المواهب الخارقة إلى الدائرة، يتم تسجيل تحسّن ملحوظ في متوسط نوعية أداء الأشخاص الذين ينضمون إلى المؤسسة.
ومع أنّه لن يكون حكيماً إن عمّمنا هذه النتائج على صناعة أو شركة معيّنة، يوفر البحث المذكور إطار عمل، يخوّل الشركات دراسة احتمال تعيين أفضل المواهب. وعلى الرغم من المنافع المباشرة الواضحة للعيان، ينبغي التفكير في انعكاس تعيين صاحب المواهب الخارقة على إنتاجية الموظفين الآخرين، علماً بأنّ أصحاب المواهب الخارقة ليسوا كلهم متساوين في هذا السياق. وبالتالي، ينبغي البحث عن شخص قد يحسّن أداء الموظّفين في محيطه. وأخيراً، ينبغي إيلاء أهمّية لانعكاس التعيين على مسار عمليّة التوظيف عموماً. ففي بعض الحالات على الأقل، سيتمثّل أكبر انعكاس لتعيين صاحب مواهب خارقة على هوية الشخص التالي الذي سيسمح لك بتوظيفه.