تتواصل جلسات المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان "مراجعات فكرية وحلول عملية" لليوم الثاني, حيث ركزت الجلسة التي رأسها الشيخ الدكتور أحمد محمد هليل قاضي قضاة الأردن، على تقديم الرؤى التطويرية لبرنامج المناصحة.
وبدأت الجلسة بورقة عمل للمستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، بعنوان "التنظير الفقهي لقضايا الواقع المعاصر"، أكّد فيها أن من معالم الفقه الإسلامي أنَّه فقه وظيفي يتفاعل مع الأحداث والمتغيرات التي تطرأ على الواقع في جميع الجوانب والأمة الإسلامية بعالِمها وعِلمها وما يطوف بها من الوقائع والمستجدات التي انعكست على الأعراف والتصورات أوجبت على الفقهاء تدوين القواعد والضوابط الحاكمة على المسائل والأقضية التي يحدثها الناس ليتكون بذلك منظومة تنظيرية مستمدة من ممارسات الفقهاء المتقدمين في تفعيلهم لأدلة الشريعة وأصول استنباط الأحكام منها.
وجاءت ورقة الدكتور ابن حميد في أربعة مباحث، استعرض في المبحث الأول مواطن القوة في التنظير الفقهي لقضايا الواقع المعاصر، ولخّصها في لزوم تقوى الله واجتناب المنهيات, إذ المزاول لعلمية التنظير من الفقهاء هم المخاطبون على وجه الأولوية بلزوم التقوى ومراعاة أمور الشرع لإدراكهم من خطاب الله ما لا يدركه غيرهم، لاسيما أثرها على التحصيل وسيره في دروب التحصيل والنفع والتأمل في الواقع, إذ إن التقصير في جنب الله يضعف قدرة الذهن على فهم النصوص وعلى فهم النوازل وبروز الاجتهاد الجماعي الذي يُعَدُّ من مواطن القوة في التنظير الفقهي في القضايا المعاصرة فهو "بذل عدد من الفقهاء وسعيهم مجتمعين لتحصيل حكم شرعي" والتواصل بين الفقهاء والمختصين، إذ من متممات الحكم على الوقائع والقضايا أن يسبق الحكم تصور لها والتصور قد يصدر من الفقيه، وقد يصدر من غيره من أهل الخبرة والاختصاص.
وقدّم عميد كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية الدكتور سعود بن عبدالعزيز الخلف ورقة بعنوان "رؤية تطويريَّة لبرامج الأمن الفكري من خلال لجان المناصحة" بيّن فيها أن برنامج المناصحة أسلوب لتعديل الأفكار الخاطئة حول بعض القضايا الشرعية، بهدف بناء مفاهيم شرعية صحيحة تستند على منهج الوسطية والاعتدال ويقدّم خدماته من خلال أساليب عدة، تشمل المناصحة العلاجية، المتمثلة في الحوار الهادئ والماقشة البناءة والموعظة الحسنة، من قبل ذوي الكفاءات الشرعية والنفسية والاجتماعية، لإزالة الشبهات وتصحيح الأفكار من خلال توفير المعارف الشرعية الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة بهدف مساعدة المستفيدين على التخلي عنها، عبر لقاءات فردية أو دورات وحلقات علمية متنوعة التخصص.
وأوضح أن من أساليب البرنامج المناصحة الموجَّهة من خلال استهداف بعض الأسر التي يلاحظ عليها أو على أحد أبنائها اعتناق أفكار خاطئة أو أنَّ منهم من ذهب إلى مواطن الصراعات والفتن، وذلك لدراسة أحوال تلك الأسر والتواصل معها من قبل لجان المناصحة من الجنسين وفي تخصصات مختلفة، بهدف تصحيح الفكر لدى بعض الأسر التي وقعت في الفكر المتطرف أو أحد أو أكثر من أبنائها ودراسة حالتهم من الجوانب الشرعية والنفسية والاجتماعية.
كما يقوم البرنامج بالمناصحة النسوية المخصصة للعناصر النسائية داخل مقار التوقيف أو خارجها من قبل لجان مناصحة من العنصر النسائي المؤهل تأهيلاً شرعياً ونفسياً واجتماعياً.