«هشتقة» قضية الإسكان

** لا يزال «مؤشر» التفاؤل لدى كثير من المتطلعين لحل قضية الإسكان يتأرجح، فمرة تدعمه الوزارة بتصريحات ترفع من إنزيم التفاؤل، لكنه ما يلبث أن ينخفض ذلك التفاؤل مع أول حديث أو تصريح لرجل أعمال عقاري. ومن الطبيعي أن نشهد هذا التطاحن بين الأمل واليأس، فالسكن بات يلتهم 40% من الرواتب، وهو أمر قابل للزيادة، والحلول بطيئة جداً.

** ملتقى هاشتاق السعودية الذي حمل عنوان «أسعار العقار إلى أين» كان كافياً لمعرفة مدى ضبابية الوضع القائم والقادم بالنسبة لقضية العقار والإسكان على وجه التحديد، وما شهده الملتقى الذي نجح بامتياز في جعل كثير من الأمور تطفو على السطح من آراء مختلفة، بعضها كان منحازاً تماماً إلى توقعات فشل الوزارة في إحداث أي تأثير حقيقي يؤدي إلى انخفاض مستوى الأسعار الملتهبة، وأن كل ما قامت به الوزارة لا يعدو تصريحات عطلت وأضرت أكثر مما نفعت، بحسب قولهم. فيما يرى طرف آخر أن الوزارة أمامها خطوة واحدة لتفعل ذلك، وهو فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وهو أمر ليس بالسهل، وطريق محفوف بالهوامير.

** وما بين واقع الحال وتطلعات الوزارة هناك مسافة وهوة كبيرة تحتاج إلى ردمها بقرارات مصيرية، أو تغيير منهج الوزارة في التعاطي مع قضية الإسكان من خلال خارطة طريق لمعالجة كل معوقات القضية بشكل جذري. أعتقد أن العقاريين لديهم أسباب جوهرية تبرر ثقتهم بأن الأسعار في ارتفاع باعتبار أن أهم عوامل المعالجة لا تزال معلقة، ومنها كثير من قضايا ازدواجية الصكوك التي أوقفت بعض المخططات، ليس أقلها تداخل وتعدد الملكيات لبعض المخططات، التي لا تزال معلقة رغم مضى سنوات عليها، وكذلك قضايا الإرث، وغيرها من الملفات التي لا تزال عصية على الحلول، والتي يفترض أن يُنظر لها بشكل عاجل، وأن تعمل وزارة العدل على حلها.

** الجميع يراهن على نجاح الوزارة في شوال القادم ومدى التزامها بتوزيع الأراضي، مع أن القضية لن تنتهي عند ذلك، في ظل شح الأراضي، وهي أبرز العقبات التي تواجهها الوزارة في المدن الرئيسية. وما لم تمنح مخططات واسعة في تلك المدن ستبقى قضية الإسكان تتضخم؛ لأن كثيراً من الأطراف تبحث عن مصالحها بينما قضية مهمة مثل الإسكان تحتاج إلى حضور يتجاوز المصالح الضيقة، وإلى قرارات نافذة تفسح للناس إنشاء مساكنهم على أرض وطنهم المترامي الأطراف.