لا أجد وصفاً ينطبق على ما يقدمه خريجو قسم التربية الفنية في أيّة جامعة من جامعاتنا تحتضن هذا القسم إلا بوصفها بالآيسكريم.. عوداً إلى ما شاهدته مع جمع كبير بداية هذا الأسبوع في المعرض السادس والثلاثين لقسم التربية الفنية في كلية التربية بجامعة الملك سعود من أعمال فنية جعلتني أشعر أنها تشبه (الآيسكريم) في مذاقها وكذلك في ذوبانها، حيث لا تبقى تلك اللذة والطعامة أكثر من الوقت الذي نستطعمه من خلال مثل هذا المعرض الذي يقام في نهاية كل عام، حيث لا نرى لهم بعد تخرجهم أيّ حضور أو إكمال تطوير خبراتهم من خلال الاحتكاك بالعالم الخارجي البعيد عن ضغوط الدراسة ومتطلبات الجامعة والكلية والقسم.. فضاء رحب سيمنح تلك المواهب مساحة أكبر من الحرية في التعبير وفي التنفيذ.
سؤال تفرضه حقيقة المشهد.. وجمال العطاء.. ورقي التنفيذ.. إبداعات تحمل الفكرة ووجودة التنفيذ، قد يقول قائل إن في بعضها شك أنها نفذت خارج القسم، لكنني أكثر تفاؤلاً في الكثير من الأعمال التي ازدان بها هذا المعرض الذي سجل برقمه رقماً جيداً في مسيرة هذا القسم الذي توالى على إدارته رجال متمكنون من قدراتهم العملية، وبدرجاتهم العلمية.
قسم كما هي الأقسام الأخرى في جامعتنا التي لديها القناعة بأن الوطن مليء بالمبدعين، أقسام تشكل أرضاً خصبة لإنبات مثل هذه الأشجار الأبداعية وبما تحمله من ثمار يانعة.
سؤال ينطرح كل عام تدفع في نهايته هذه الأقسام بالعديد من الفنانات والفنانين التشكيليين، تجاوز القسم في مهامة حدود تخريج معلمين للتربية الفنية إلى ما بعد الحدود وأبعد منها لتخريج فنانين تلقوا أصول العمل الفني على أعلى مستوى من معلمين هم في الأصل فنانون.
سؤال نوجهه لهؤلاء الطلبة والطالبات الذين تخرجوا سابقاً من هذه الأقسام ومن هذا القسم على وجه التحديد، أين الكثير منهم، ممن شاهدنا إبداعاتهم في معارض الجامعة السابقة؟.. ولماذا يذوبون كما تذوب مكعبات الثلج أو أقمعة وعلب الآيسكريم، لنعود بالسؤال للخريجين هذا العام ممن شاهدنا أعمالهم ويشاهدها ويشهد عليها من يزور صالة الأمير فيصل هذه الأيام، ماذا سيكون مصيرهم ومصير مواهبهم..؟.
أما السؤال الأهم فهو للقسم وللكلية وللجامعة، هل أعددتم برنامجاً لما بعد الجامعة لهؤلاء المبدعين؟.. وماذا عن مشاركاتهم في المعارض والمناسبات التي تقيمها وزارة التعليم العالي خارج المملكة، وتستعين بلوحات فنانين من الساحة غالبيتهم ليسوا من خريجي الجامعات وبأعمال أقل مستوى مما يمتلكه هؤلاء الطلبة.
لقد دهشنا وزملائي لجنة تحكيم مسابقة فرع الفنون البصرية أو فرع الأنشطة الفنية في المؤتمر الخامس، بذلك الزخم الكبير من إبداعات مواهب من جامعات بها أقسام للتربية الفنية وأخرى ليس بها أقسام فكانت المنافسة كبيرة، مما يدل على وجود كنوز تنتظر اكتشافها.