هناك مع الأسف في مجتمعنا وغيره من المجتمعات المماثلة فئة محدودة العدد فارغة ومتفرغة ديدنها الوحيد وشغلها الشاغل وهمها الأكبر حب المشاكسة والعناد والشغب فهي قد استمرأت هذا السلوك المعوج في حياتها والتنكيد على الآخرين وإيذائهم والتطفل على خصوصياتهم والوقوف أمام كل خطوة لا تروق لها أو لا تخدم مصالحها الأنانية أو لا تتفق مع أفكارهم الدونية القاصرة.
أعرف في بواكير شبابي رجلاً كان يطرق أبواب بعض الوجهاء في البلدة لينال رفدهم المادي ليس لرأب الصدع أو إصلاح ذات البين أو لسد حاجته المادية وتوفير سبل المعيشة الرغيدة لأسرته. بل ليسافر خارج المنطقة إلى العاصمة مثلاً - بادعاء المطالبة ببعض المشاريع - وهو في حقيقة الأمر والواقع يؤدي دور - المشاغب الأول - في شكاوي كيدية سافرة ضد بعض المسؤولين من بني وطنه ينال من هذا ويخدش سمعة الآخر وبعد أن يفرغ ما في جيبه ويخف زاده يعيد الكرة تلو الأخرى. وهكذا دواليك. وفي وقتنا الحاضر اختلفت الأساليب والوسائل ولكن بعض العقول لا زالت تعيش نعرات الماضي وتتوارث صفات المشاكسة ولكن بطرق أخرى أكثر حداثة ومجالاتها متعددة أهمها الوسائل الإعلامية.. في الصحافة مثلاً ما إن تظهر فكرة بناءة تخدم المجتمع أو تسعى إلى تطويره وتسعد الآخرين ويتحمس لها الجميع ويجاهدون من أجل تحقيقها بالرأي والحكمة وبعد النظر ووضوح الرؤية فسرعان ما تتصدى لها الأقلية من فئة المتطفلين والمشاكسين والحمقى ممن لا يعجبهم العجب ويجدفون ضد التيار ويبحثون عن ضالتهم المنشودة دائماً عن طريق التنكيد والعناد ليبرزوا أنفسهم بطريقة -خالف تعرف- ولا يهمهم حصاد عنادهم ما دام أنهم يشبعون فضولهم ونزواتهم بغض النظر عن تبعاته وأثره على الآخرين.. وأعرف عن هذه الفئة الشاذة أنه عندما تعوزها الحجة أو تفتقد وسائل مقارعة الخصم بالدليل الواضح والبرهان الصادق تتكتل مع بعضها بطريقة جهنمية كالأخطبوط وتتبادل الأدوار وتستعين ببعضها وممن هم على شاكلتها وتصر في عناد وحمق وهوس واستعداء على وأد أي فكرة لا تريح توجهاتها المريضة وتحاول مستميتة وبكل الوسائل على النيل من الأقلام الشريفة ذات التوجهات المخلصة الواعية وتنتظر وتترصد كل فكرة بناءة من أجل وأدها أو تحطيمها.. ولا نملك في الختام إلا أن نقول ويل لكل أمة يكثر فيها مثل هؤلاء الأدعياء الأشرار.. ولكنهم غالباً غثاء كغثاء السيل الذي يطفو أحياناً ولكنه يخمد ويتلاشى على الأطراف والله المستعان.