ما أكثر الذين يقصدون سيليكون فالي بحثاً عن أصحاب مشاريع خارجين عن المألوف، وتائقين لتحقيق الإنجاز الكبير التالي. لكنّ المشكلة هي أنّ ريادة الأعمال تعتبر المقياس السائد في سيليكون فالي. وبالتالي، عليك أن تتصرّف وكأنّك صاحب مشروع إن كنت تريد الامتثال بالآخرين، ما يصعّب رصد أصحاب المشاريع الحقيقيّين في الأماكن القائمة على ريادة المشاريع، إذ يعجز المرء فيها عن التفرقة بين أصحاب المشاريع المتفرّدين، وبين كل من يحبّ ادّعاء النجاح.
وفي سبيل العثور على صاحب مشروع متميّز، ابحث في أماكن لا تلقى ريادة المشاريع فيها أيّ شعبية. وعلى سبيل المثال، قد يفاجئك أن ترى، في الإمارات العربية المتحدة، منصة إعلامية لريادة المشاريع اسمها twofour54، هي عبارة عن منطقة مشاريع إعلامية في أبوظبي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى البيرو، حيث برزت علامة «كولا ريال» التجارية خلال انقلاب شهدته البلاد في العام 1988. وفي شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية، سترى مشاريع سياحة بيئية من تنظيم «وايلد سالمون ريفرز»، انطلقت جرّاء تحالف بين ضابط عسكري أميركي وشركاء روسيّين له. وهكذا، يمكن إيجاد أصحاب المشاريع الحقيقيّين في أماكن تكاد لا تخطر في البال أبداً كوجهة لريادة المشاريع.
وقد تخال أنّ أهل الاختصاص هم الأمهر على صعيد رصد أصحاب المشاريع الكثيري المخاطرة، الذين يحقّقون نتائج كبيرة - ولكنهم ليسوا كذلك. وطوال أكثر من عقد، عملتُ بالتعاون مع الأستاذة إليزابيت بونتيكس، من جامعة شيكاغو، على مراجعة آلاف شركات البرمجيات، علماً بأنّ هذه الشركات، شأنها شأن أصحاب رأس المال المغامر، تميل إلى التوجّه نحو الأسواق الساخنة، وبأنّ نفاذ بعض الشركات إلى هذه الأسواق حفّز دخول شركات إضافيّة، وبأنّ الأسواق التي خرجت منها شركات أصيبت بحالة من الركود. وسمحت رؤوس الأموال المغامرة بزيادة تأثيرات هذه الجولة من الطفرات والانهيارات. وبالتالي، زاد الاحتمال بدخول الشركات إلى أسواق استقطبت تمويلاً من رؤوس الأموال المغامرة، وانتقلت رؤوس الأموال المغامرة إلى أسواق استقطبت مؤخراً رؤوس أموال مغامرة أخرى. وسُجّل احتمال أكبر بفشل المؤسسات التي دخلت السوق خلال طفرة تمويل رؤوس الأموال المغامرة. وفي نقيض ذلك، زاد الاحتمال بأن تسود شركات (عددها أقل) دخلت الأسواق خلال مراحل من الصعوبات.
وقد يكون الأشخاص الذين يسيرون مع التيّار صائبين أو مخطئين - لكنّ تصرفاتهم قابلة للتوقع بلا أدنى شك. أمّا الذين يعملون بصورة مستقلّة، فلا يمكن توقّع سلوكهم أبداً. وقد يرتكبون الأخطاء، ويبدون بالتالي كالمغفّلين. ولكن في حال كانوا محقّين، بدأنا نفكّر فيهم، وننظر إليهم - في مرحلة لاحقة وبعد استعادة الأحداث - على أنهم من النوابغ.