تناقلت الصحف قيام عميد كلية الطب في جامعة أم القرى بمكة المكرمة الدكتور أنمار ناصر باعتلاء منبر مسجد تجار جدة أول أمس في صلاة الجمعة، وألقى خطبة عن «فايروس كورونا»، مقدماً شرحاً عن الفايروس والمرض وأعراضه وطرق الوقاية منه والتعامل مع المصابين.
الدكتور أنمار ناصر قدَّم مبادرة إيجابية وفعّالة عن كيفية تعامل المختصين والمثقفين والعلماء مع المشكلات والأزمات التي تواجه المجتمع، واختيار أفضل السبل، وتفعيل آليات التواصل لتحصين المجتمع، والتفاعل مع المشكلات التي تعترضه. وبما أن صلاة الجمعة ومنبر الجامع كانا ولا يزالان أفضل وسيلة لإيصال رسائل التوعية والتلاقي مع أفراد المجتمع الذين يحرصون جميعاً على أداء صلاة الجمعة والاستماع لخطبتها، فمبادرة الدكتور أنمار ناصر -وهو عميد كلية الطب في واحدة من أكبر جامعات المملكة- تعد عملاً رائداً، وإنهاءً للتقوقع الذي يؤخذ على بعض المثقفين وأساتذة الجامعات، كما إنه إسهام راقٍ لخدمة المجتمع والبحث عن حلول لمشكلاته، وانغماس في البحث عن حلول لها. والمبادرة في النهاية إلغاء لمقولة التخندق في مواقع النخبة وعدم الإسهام في قضايا المجتمع.
مبادرة الدكتور أنمار ناصر تضاف إلى العديد من المبادرات الإيجابية التي شهدناها في الأيام الماضية لمحاصرة هذا الفايروس القاتل، الذي ينقل وينشر مرض كورونا، ويدخل في هذا السياق البرامج الإذاعية والتلفازية وما يُنشر في الصحف، والجهود التي تبذلها وزارة الصحة. فحتى البرامج والأحاديث التي «تهول» المرض، واللقاءات والحوارات التي جرت في البرامج التلفزيونية، منها ما قدمه برنامج «الثامنة» للزميل الأستاذ داوود الشريان، تعد إسهاماً إيجابياً جداً للتعريف بمخاطر المرض وطرق تطوره وانتقال الفايروس. وأنا لا أتفق مع من انتقد البرنامج وأنه كان قاسياً في نقده لوزارة الصحة، إذ إن الزميل داوود والذين شاركوا في الحلقتين اللتين قُدمتا عن الفايروس والمرض، حملوا العديد من المعلومات وسلطوا الأضواء على الأخطاء والممارسات التي أدت إلى تفاقم انتشار المرض، كما أن مهمة البرامج الحوارية هي إتاحة الفرصة لكل من له رأي في القضية المطروحة، ومن خلال تبادل الآراء تظهر الحقيقة، والهدف هو القضاء على هذا المرض ومحاصرة الفايروس، ولا يهم أن يكون وباءً أو على وشك أن يصبح وباءً، فالمهم القضاء عليه وتحصين المجتمع من أخطاره والإسهام مع الجهات المختصة في التوعية بمخاطره. ولا بد أن وزارة الصحة قد استفادت مما جاء في برنامج الثامنة بحلقتيه، وهذا وحده يكفي لقيمة البرنامج، ولا داعي لمحاصرة الآراء والأعمال التي تسهم في حماية الوطن والموطن في القصور.
والواقع أن انشغال الإعلام بكل وسائله والأجهزة المسؤولة وفي مقدمتها وزارة الصحة وأخيراً ابتكار المثقفين آليات لتثقيف المجتمع وآخرها مبادرة الدكتور أنمار ناصر كلها ستؤدي إلى محاصرة الفايروس والقضاء على المرض.