في خضم احتدام الصراع التفاوضي بين دولة فلسطين والكيان الإسرائيلي، أتى إعلان الاتحاد السويسري بإيداع صك انضمام دولة فلسطين إلى مواثيق جنيف الأربعة لعام 1949م وإلى البروتوكول لعام 1977م، بدءاً من يوم الثاني من نيسان - إبريل 2014م، التزاماً بالمواد 61 و62 و141 و157 من مواثيق جنيف الأربعة، وهي نصوص أساسية للحق الإنساني، تلتزم بها جميع الدول.
إيداع صكوك انضمام دولة فلسطين إلى مواثيق جنيف ليس خطوة رمزية؛ إذ إن هذا الانضمام وقبول دولة فلسطين دولةً متعاقدةً يُعدُّ تاريخاً جديداً، وهو - بحق - يوم تاريخي؛ لأنه سيمنح الفلسطينيين حقوقاً تؤكد مطالباتهم الشرعية بوصفهم دولة تحت الاحتلال، ويفرض التزامات على الدولة التي تحتل التراب الفلسطيني وتُخضع الشعب الفلسطيني إلى إجراءاتها، وبخاصة الإجراءات والأعمال التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تصنفها مواثيق جنيف وتعدها إبادة جماعية للشعوب، وهذا ما يُرعب الإسرائيليين وحلفاءهم؛ لأن ما يُرتكب على أرض فلسطين وبحق شعبها لن يكون خاضعاً للتعنت الإسرائيلي؛ إذ ستنتقل كل الأفعال والسلوك الإسرائيلي الشائن من سلطات الاحتلال ومن مربع إملاءات الاحتلال الإسرائيلي إلى مواد القانون الدولي وإلى الاتفاقيات الدولية التي تلزم الجميع بالانصياع إلى مواد القانون الدولي، وهو ما يعزز موقف الدولة الفلسطينية، ويخرجها من الميل والانحياز الأمريكي، وسيتم التعامل معها وفق القانون الدولي بوصفها دولة تحت الاحتلال، في خطوة تستند للقانون الدولي؛ ما يضع مسيرة إنجاز الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الخامس من حزيران 1967م، وعلى الطريق الصحيح، ويُخرج مهمة تحقيق السلام في المنطقة وحل الصراع العربي - الإسرائيلي من حصرية الوسيط الأمريكي، بنقل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة؛ كون الانضمام إلى مواثيق جنيف الدولية و11 ميثاقاً دولياً آخر كان الرئيس محمود عباس قد تقدم بطلب به؛ لينضم إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي أعلن الأمين العام تبليغه بانضمام دولة فلسطين إليها، وهو ما يعني قبول دولة فلسطين في تلك الاتفاقيات، وهو ما سيستكمل خطوات الإطار القانوني للدولة الفلسطينية.
كل هذه الإجراءات ستحاصر الإسرائيليين، وتُضعف ما تقوم به واشنطن من تحصين تعنت الإسرائيليين من إنجاز قيام الدولة الفلسطينية. ولهذا عد الرئيس الفلسطيني إيداع وثائق انضمام فلسطين لمواثيق جنيف الدولية يوماً تاريخياً؛ لأنه سيؤرخ للبداية الجادة لقيام دولة فلسطين، وليس اعتماداً على وعود وسيط لا يزال محاصَراً بانحيازه لإسرائيل.