نظام الحماية من الإيذاء (والعنف النفسي)!

من أنواع الإساءات التي يستقبل نظام الحماية من الإيذاء الشكاوى ضدها نوعان مهمان جداً وحساسان في مجتمعنا، اللذان غالباً لا يعطى حساب لهما، والكثير من المقربين لبعضهم البعض أسرياً يتفننون بهما ويستمتعون بممارستهما ضد الطرف الأضعف، ويحتاجان لمهارات مهنية لإثباتهما كدليل ضد المُعنِف، وهما، الأول:

- الإساءة النفسية، وعرّفتها اللائحة التنفيذية للنظام بأنها: (كل شكل من أشكال التعامل أو السلوك السيئ الذي يأخذ صفة الاستمرار أو التكرار المطّرد، يقوم به الشخص عند تعامله مع شخص آخر له عليه ولاية أو سلطة أو مسؤولية أو علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، وذلك بهدف المساس بكرامته أو بحقوقه المعنوية التي كفلها الشرع أو النظام).

والثاني:

- التهديد بالإيذاء الذي عرّفته اللائحة بأنه: (كل فعل أو قول يصدر من الشخص تجاه شخص آخر له عليه ولاية أو سلطة أو مسؤولية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، من شأنه بث الخوف في نفس هذا الشخص من خطر يُراد إيقاعه بشخصه أو بماله، ويغلب على الظن أن مصدر التهديد قادر على إيقاعه به، وذلك بهدف تحقيق مآرب غير مشروعة، من ذلك على سبيل المثال وليس الحصر التهديد بالقيام بأي نوع من أنواع الإساءة الجسدية أو النفسية أو الجنسية). هذان النوعان من الإساءة مرتبطان بجميع أنواع بلاغات العنف الأسري، وقد يكونان واضحين جداً للممارس الاجتماعي أو النفسي سواء في وحدات الحماية الاجتماعية، أو في لجان الحماية في المستشفيات، أو في بعض الوحدات الإرشادية المدرسية، خاصة في العنف الجسدي أو الجنسي الشديد والمتكرر، ومن السهل إثباتهما من خلال تطبيق بعض المقاييس النفسية وتحليل نتائجها الكمية والكيفية بما يعطي تفسيراً نفسياً واضحاً بالضرر النفسي الواقع على المتضرر نفسياً من الإساءة الواقعة عليه وما صاحبها من آثار نفسية سيئة بالإمكان قياسها وتقديمها للجهات القضائية كملف شامل عن صاحب الشكوى لكي يبت القضاء في شكواه وينصفه ويعطيه حقه الذي يطالب به!

لكن لو كانت الشكوى خاصة فقط بمتضررة نفسياً تعيش في جو ملّغم بالعبارات النفسية السيئة، ويمارس ضدها تهديدات لفظية مستمرة كمثال وليس الحصر تلك الزوجة التي قدمت بلاغاً ضد زوجها الذي يهددها باستمرار بالطلاق على أبسط خلاف يقع بينهما، أو تلك التي لا يناديها باستمرار إلا بعبارته الساخرة «يا غبية»! أو تلك التي تشكو من إهماله العاطفي ويستكثر عليها الابتسامة أو التعامل بمودة واحترام! أو تلك التي يخضعها للمراقبة اليومية وتفتيش أغراضها الخاصة مثل جهاز المحمول، والكمبيوتر، وحقيبتها اليدوية شكاً في أخلاقها لا حرصاً أو خوفاً عليها كما يدّعي لها كتبرير لهذه الممارسات غير السوية! أو ذلك الذي يثق في سائقه أكثر من زوجته وأولاده ويسمح له باقتناء مفاتيح أبواب المنزل الخارجية لكن زوجته لا، خوفاً منها على حرمة منزله!

هذه الممارسات النفسية المؤذية بإمكان المختصات نفسياً في وحدات الحماية الاجتماعية إثبات آثارها النفسية العامة على شخصية المرأة المتضررة نفسياً وعلى حياتها الأسرية، وتقديمها للجهات الأمنية، أو القضاء، إذا تطور سير قضيتها للشرع، وهذا بلا شك يتطلب من جميع القضاة بعد إصدار النظام الاعتراف بخطورة الإساءة النفسية، خاصة ضد المرأة، وعدم الاستهانة بها، لأنها قد تسبب نتائج خطيرة عندما تأخذ صفة الاستمرار بدون حساب!