أكد اقتصاديون أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحوادث المرورية تعيق أهداف التنمية الاقتصادية عبر عدم الاستغلال الأمثل للموارد، كما تحرم المجتمع من بعض الاحتياجات وفرص العمل, وتمويل المشروعات التنموية، وتُعد الحوادث المرورية من أكثر المشاكل التي تؤثر على فاتورة الاقتصاد، حيث يتعرض المجتمع إلى فقدان الموارد البشرية خصوصاً فئة الشباب جراء تلك الحوادث سنوياً، كما يتعرض الآلاف إلى إعاقات جسدية، بالإضافة إلى تكبد الدولة خسائر اقتصادية كبيرة جراء تلك الحوادث.. وطالبوا وكلاء شركات السيارات المحلية بلعب دور ملموس فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للتوعية بمخاطر تلك الحوادث.
وقال عضو هيئة التدريس بقسم إدارة الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز حبيب الله التركستاني بأن تأثير الحوادث على الاقتصاد كبير جداً حيث يسبب الاستنزاف للموارد المالية في أشكال منها التلفيات على السيارات والتي يسبب خسارة على الاقتصاد الجزئي على مستوى الفرد وكذلك الخسائر الناجمة من الحوادث وما يحدثه من خسائر في الأرواح والأنفس والإصابات التي يتطلب منها العلاج في المستشفيات حيث يشكّل المرضى نتيجة الإصابات المرورية في المستشفيات 30%، وهذا استنزاف اقتصادي كبير.
ومن جانب آخر نجد أن المملكة تستورد قطع الغيار من الخارج لإصلاح التالف وهذا يمثل مصروفات دون وجود ما يقابله من فوائد إنتاجية.. وأخيراً فإن الملايين من الريالات تذهب لاستيراد السيارات وهذه الملايين تزيد من تراجع الميزان التجاري لصالح الدول المصدرة لنا تلك السيارات وقطع الغيار.
وأضاف تركستاني: تشير بعض الدراسات إلى أن الحوادث المرورية في المملكة قد يصل عددها سنوياً إلى مليون حادث مروري مع نهاية 1442، وتبلغ تكلفتها الاقتصادية حوالي 650 مليار ريال ناهيك عن الآثار الاجتماعية والمتمثلة في الإصابات والعاهات التي تصيب الناجين من حوادث المرور.
وتابع: تزايد الحوادث المرورية ساهم في زيادة عدد الوفيات والمصابين بإعاقات، وعلى سبيل المثال تعرض المجتمع إلى (500) ألف حادث في 1432هـ نجم عنها (39000) حالة إصابة وحوالي (7000) حالة وفاة أي بمعدل (20) حالة وفاة يومياً وحوالي (7153) حالة وفاة، ويُعتبر حوالي 73% من مجمل الوفيات دون الأربعين سنة، وأكثر من 39 ألف مصاب يشغلون أكثر من 30%من أسرة المستشفيات.
وفي2011 بلغ عدد الحوادث (54,4179) حادثاً أي بمعدل 1537حادثاً يومياً.. إن معدل الوفيات في حوادث الطرق في السعودية 17 شخصاً يوميا، أي شخص كل 40 دقيقة،كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفاً سنويًا، واقتصادياً بلغت الخسائر الناتجة عن حوادث المرور في السعودية حوالي 21 مليار ريال خلال السنوات العشر الماضية بحسب إحصائيات رسمية.
وبهذا تكون السعودية في مقدمة دول العالم من حيث الاستنزاف البشري والمادي نتيجة حوادث السيارات. وأوضح تركستاني بأن هذه المشكلة لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص وتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات التي تعمل في مجال تسويق السيارات في الأسواق المحلية.
وتابع: أظهرت الإحصائيات أن إجمالي إنفاق السعودية من النقد الأجنبي على الواردات من السيارات ومكوناتها خلال الفترة من 1992وحتى 2002 بلغ ما قيمته 146 مليار ريال.
وقال الاقتصادي فيصل الدوخي إن للحوادث المرور تأثيرات سلبية كبيرة جداً على أهداف التنمية الاقتصادية كونها تعيق تحقيق تلك الأهداف عبر عدم الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية, وتحرم المجتمع من بعض الاحتياجات وفرص العمل, كما تحرمه من تمويل المشروعات التنموية نظراً لأن الأموال التي يمكن توجيهها للمشروعات التنموية يتم بها معالجة تلفيات الحوادث المرورية, ومن تلك التلفيات والخسائر على سبيل المثال لا الحصر، تكاليف العلاج الطبي للمصابين والتي تزداد كلما زادت فترة العلاج، كذلك قيمة ساعات العمل المفقودة بسبب الإصابة، وأيضاً الإجازات المرضية التي تعطى لهؤلاء المصابين، وتؤدي إلى التوقف عن العمل ولا نغفل عن تكاليف خدمات الإجراءات الحكومية التي تباشر الحادث والمتمثلة في خدمات دوريات الأمن, والسجون, والمستشفيات, والقضاء.
وتابع الدوخي: وهناك تكاليف أخرى لا تقدّر بثمن تتمثّل بفقد الإنسان نتيجة الحادث إضافة إلى النواحي النفسية والاجتماعية لمن يقع عليهم أو منهم الحادث.. فبالوفاة يتعطل العمل كلياً ويحتاج إلى عامل بديل, وبالإصابة يكون التعطل جزئياً, أو إعاقة شديدة تجعل العامل عاجزاً عن القيام بعمله.. وبلا شك أن الحوادث المرورية لها آثار وخيمة على الموارد البشرية وبخاصة من هم في سن العمل المنتج «قوة العمل» وهم من تتراوح أعمارهم بين (18-49) سنة وكذلك يتكبد المجتمع خسائر مالية كبيرة سواء في المال العام أو المال الخاص, فكلما زادت الحوادث أدى ذلك إلى زيادة المصابين والقتلى من الموارد البشرية, مما يسبب نقصاً في قوة العمل بشكل مباشر كما أن زيادة الحوادث يزيد الخسائر المالية والتلفيات,كما أن التحويلات النقدية إلى خارج البلد مقابل زيادة تجارة استيراد قطع الغيار والسيارات يحرم المجتمع من صرف هذه التحويلات في مشروعات تنموية أو استيراد منتجات تقنية تفيد في بناء المجتمع وتحقق له التقدم والرخاء الاقتصادي, فكلما زادت الحوادث المرورية انخفضت حصة مشروعات التنمية الاقتصادية من الموارد الاقتصادية البشرية والمالية, وكلما زادت أيضاً الحوادث المرورية زادت معدلات الفاقد في الموارد الاقتصادية، بينما إذا انخفضت الحوادث المرورية فإن حصة مشروعات التنمية الاقتصادية تزداد.
وأوضحت دراسة أن نسبة الحوادث الناتجة عن تلف الإطارات في المملكة تبلغ 2.5% من مجموع حوادث السيارات، وهذه تحتاج إلى تبديل كلي, كما يزداد الطلب على السيارات الجديدة في حالة التلف الكلي, ويزداد الطلب على قطع غيار وسائل الخدمات العامة التي تأثرت بالحوادث المرورية مثل أعمدة الإنارة, أو إشارات المرور أو الحواجز المعدنية وطبقات الإزفلت والأرصفة, أو الأشجار المزروعة على جوانب الطرقات, حيث تأثرها بسبب الحوادث المرورية, كل ذلك يحتاج إلى إصلاح ويتطلب في كثير من الأحيان استبدالاً جزئياً أو كلياً.