التأخير في تنفيذ المشاريع السكنية تسبب في أزمة إسكان مع ظهور بوادر لانهيار سوق العقار بالكامل، حتى أن المواطن العازم على شراء منزل أو أرض، توقف وينتظر هبوط الأسعار. وفي نفس الوقت، تعلم البنوك أن المغامرة في قطاع العقار حاليا تشكل (مخاطرة عالية) ومع ذلك لم تستطع إيقاف برامج الرهن العقاري، ولكنها تشددت واحتاطت في تثمين العقار، رغم أنها لا تمول أكثر من 70% من قيمته لضمان حقوقها في حالة الانهيار. منذ أن تم إقرار مشروع وزارة الإسكان لبناء 500 ألف وحدة سكنية قبل 36 شهرا (3 سنوات) ، ارتفع عدد السكان المواطنين حوالي مليون ونصف مليون نسمة، وتمت 500ألف حالة زواج زاد معها الطلب على إيجار الشقق. وحسب تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات فإن مليون أسرة سعودية يمثلون 5.3 مليون فرد سعودي يسكنون في مليون شقة، و 840 ألف أسرة سعودية يمثلون 5.6 مليون فرد سعودي يسكنون 840 ألف منزل شعبي، أي أن أكثر من نصف السكان يقطنون إما شققا أو منازل شعبية. سُخّرت جميع العوامل لصالح وزارة الإسكان وتمت الموافقة على جميع البرامج، مشروع الإسكان لذوي الدخل المحدود، برنامج أرض وقرض، قرض بدون أرض، رهن عقاري، قرض إضافي، وانطلقت الوعود ومضى 36 شهرا ولم نتقدم بالمستوى المأمول، وفي آخر المطاف تتجه وزارة الإسكان إلى رمي الكرة في ملعب المواطن بعد إعطائه مبلغا لا يمكن أن يبني منزلا (كل مواطن على حدة)، وتحّولت مشاريع الإسكان الجماعي إلى توزيع فردي بسبب عجز وزارة الإسكان عن التنفيذ. هذه النتيجة متوقعة من وزارة الإسكان، فليس من الممكن أن تنفذ مشروعا كلفته ربع تريليون ريال بدون أنظمة عالية المستوى من الهندسة وإدارة المشاريع، ولا يوجد في المملكة جهاز حكومي أو شبه حكومي يملك هذه الآلية غير شركة أرامكو السعودية. فعلى وزارة الإسكان تحويل المشروع بالكامل لشركة أرامكو، حيث تملك آلية ضخمة لتنفيذ مثل هذا المشروع والذي هو أقل كثيرا من تقنيات مشاريع الشركة، حيث تشكل هذه الآلية نظاما ضخما لإدارة المشاريع من هندسة ونظام عقود ومشتريات ونظام مقاييس وجودة ومتابعة. هذا التأخير في المشاريع السكنية أوجد زيادة كبيرة جدا ومبالغ بها في أسعار العقار حتى أصبحت فقاعة وبلغت ذروتها. فبالإضافة إلى مشروع وزارة الإسكان ببناء 500 ألف وحدة سكنية، هناك عوامل أخرى صّعدت بالفقاعة، (أولا) أنظمة فرض الرسوم على الأراضي البيضاء والتي يحتكرها تجار الراضي، (ثانيا) لم يعد هناك مواطن قادر على شراء عقار، فكل من يستطع شراء عقار أو مسكن، اشترى وانتهى، والبقية ليس لديهم رواتب عالية ولا ادخارات، (ثالثا) غالبية المواطنين متورطون بقروض استهلاكية، ومع الرواتب الضعيفة، لن تؤهلهم للحصول على تمويل، ولذلك درست البنوك الوضع جيدا، وفضّلت دعم برنامج القرض الإضافي وهو الأقل مخاطرة لها من برنامج الرهن العقاري، وهذا يعتبر السبب (الرابع)، وبالتالي المواطن يعي مدى خطورة التورط في شراء عقار (قاب قوسين أو أدنى) على الانهيار. وبالنظر إلى المستقبل، فإن عدد السكان يتزايد، وعدد حالات الزواج ترتفع وتصل إلى أكثر من 160 ألف حالة سنويا، وأيضا عدد الوافدين من عمالة يزداد ويضغط على الأزمة السكنية في البلد، ولذلك على وزارة الإسكان النظر في تغيير استراتيجيات أعمالها، ومراجعة إمكانية السماح ببناء منازل بسيطة وأقل تكلفة مثل بقية دول العالم. السكان الأوروبيون والأمريكان والآسيويون يتملكون شققا في عمائر وأيضا منازل (نصف تسليح) وخشبية وجبسون بورد، وهي آمنة ومجربة وبنفس الوقت رخيصة وسريعة التنفيذ. أخيرا، نأمل من وزارة الإسكان الاستعجال في إسناد ملف المشاريع السكنية لشركة أرامكو السعودية، ونأمل منها النظر في السماح بضوابط وآليات بناء منازل رخيصة وسريعة مثل بقية دول العالم.