في اليوم السابع من نوفمبر 2008م استيقظنا في جازان على صوت الفاجعة, انقلب باص نادي التهامي أثناء عودته من أبها في العقبة ووفاة لاعبين والبقية في المستشفى. ركضنا إلى سيارتنا لنسافر إلى عسير طيلة الطريق والصمت لغتنا والدموع صوتنا, نبكي على رحيل شابين ونتألم لمعاناة الجرحى!!
في ثلاجة الموتى ضحيتان، الدم يغسل ملابسهما وفي العناية المركزة لاعب شاب عمره عشرون، بلا حراك كنا نسمع همس الأطباء وهم يقرأون أشعة جسده, ما هي إلا دقائق و الطبيب يعلن صدمة أخرى:
قطع الحبل الشوكي أصيب بالشلل!!
عدنا إلى جازان ونحن نحمل الموتى والمصابين وكأننا عائدين من معركة وليس مباراة كرة قدم, حفرنا قبران متجاوران ودفنا شابان، أي مشهد كهذا يسكنه ألم!!
كنت حينها لا أملك إلا هذا «القلم» كتبت هنا في صحيفة الجزيرة معاناة لاعب التهامي «هاني الجهني» المصاب بقطع في الحبل الشوكي وأنه يحتاج لعلاج في مستشفيات بالخارج, تفاعل الزملاء في برنامج صدى الملاعب ونقل ما كتبت بالصور, تمر 24 ساعة ويرن هاتف جوالي صوت لا أعرفه يسأل:
- أنت إبراهيم بكري؟
- نعم. من أنت؟
- أنا مندوب «الأمير» ولقد تكفل سموه بعلاج هاني..
ما هي إلا أسبوعان ولاعب التهامي في ألمانيا في أكبر المستشفيات.
شهران من العلاج ويعود «هاني» إلى جازان بحالة نفسية أفضل رغم عجز الطب عن علاج حالته لكنه كان يقول: يكفيني أن هذا «الأمير» زرع الأمل في جسدي!
في الأسبوع الماضي كتبت هنا معاناة جديدة: لاعب مريض حفر «قبره» فمن يعالجه؟
ما هي إلا 24 ساعة ويزف لنا: «الأمير يتكفل بعلاج لاعب التهامي جداوي حنين».
ما الذي يحدث» نفس «الرجل» مرة أخرى؟!
لله درك يا أبا سلطان وكأنك تعيش معنا في «جازان» تشعر بألمنا وتتنفس معاناتنا, ما أن نقول..آه...آه... لنجدك تلبي حاجة المريض.
عندما يتألم لاعب مشهور ستجد الكثير يتسابقون لعلاجه, لكن في ألم لاعبي التهامي اللذين لا يعرفهما أحد خارج منطقة جازان لم نجد إلا شخص واحد فقط مد يده البيضاء لعلاجهما!
لا يبقى إلا أن أقول:
وان ضاقت الدنيا تذكرت سلطان
لا واهني من كان سلطان «جده»
قالها شاعر الأبيات حينها «عمه» وأنا اليوم كتبتها «جده»...
هي الحقيقة من جده سلطان الخير لا غرابة أن تمتد يده البيضاء لتمسح الألم... شكراً يا «محمد بن فيصل» رئيس الهلال السابق ليس لأنك «أمير» شكراً لأنك «إنسان» قلبك ينبض بحب البسطاء... شكراً لك وأنت تمسح ألم معاناة المرض بجازان مرتين!!
** هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.