اختتم أول أمس مدير عام صندوق الأوبك للتنمية الدوليَّة (أوفيد)، سليمان جاسر الحربش، على رأس وفد عالي المستوى زيارة رسمية إلى مقر الرئاسة الفلسطينيَّة في رام الله، وذلك تلبية لدعوة الرئيس محمود عباس، حيث جرت محادثات مهمة تم خلالها استعراض ومراجعة مشروعات أوفيد قيد التنفيذ لدعم الشعب الفلسطيني وبحث إمكانية توسيع حجم التعاون المستقبلي بما يتماشى مع مستجدات الشعب الفلسطيني.
وتوّجت الزيارة بتوقيع اتفاقية منحة جديدة قيمتها 500 ألف دولار أمريكي لدعم الطلبة الفلسطينيين القاطنين في المخيمات الفلسطينيَّة في لبنان وافتتاح قسم أوفيد الجديد للجراحة في المستشفى الأهلي بمدينة الخليل في الضفة الغربية إلى الجنوب من القدس.
وقد وقع الحربش اتفاقية المنحة الجديدة مع مدير صندوق الاستثمار الفلسطيني، محمد مصطفى، بحضور الرئيس محمود عباس ونخبة من القيادات الفلسطينيَّة والوزراء الفلسطينيين.
وتهدف هذه المنحة إلى تغطية النفقات الدراسية لسبعين طالبًا فلسطينيًّا يعيشون في المخيمات الفلسطينيَّة في لبنان لجميع سنوات الدراسة الأكاديمية أيّ لأربع سنوات.
وتأتي هذه المنحة في إطار برنامج أوفيد الخاص بالمنح الدراسية للطلبة الفلسطينيين، الذي تَمَّ إطلاقه عام 2011 لدعم اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينيَّة في لبنان.
وقد استهل الحربش كلمته خلال مراسم توقيع الاتفاقية بالتأكيد على المكانة المهمَّة التي تحتلها القضية الفلسطينيَّة لدى كل من المجلس الوزاري في أوفيد ومجلس المحافظين، وتطرَّق إلى برامج المساعدات التي تمنحها أوفيد للفلسطينيين، خصوصًا تلك المتعلِّقة بتقديم القروض الميسرة لأصحاب المشروعات الصَّغيرة.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد شكر أوفيد على جهوده الهادفة إلى النهوض بالشعب الفلسطيني اقتصاديًّا وعلميًا، التي من شأنها التخفيف من الأعباء الجسيمة التي تتحمَّلها الأسر الفلسطينيَّة.
وافتتح الحربش والوفد المرافق خلال الزيارة قسم أوفيد الجديد للجراحة في المستشفى الأهلي في مدينة الخليل، الذي ساهم فيه أوفيد بمنحة قدرها مليون دولار لتوفير المعدات والأجهزة الطّبية اللازمة.
ويأتي هذا بالإضافة إلى مساهمة أوفيد خلال السنوات الماضية بنحو مليوني دولار خصصت لتنفيذ سبعة مشروعات في المستشفى الأهلي.
وقد شهد مراسم الافتتاح نخبة من القيادات الفلسطينيَّة والوزراء الفلسطينيين، من بينهم وزير الصحة، ومحافظ مدينة الخليل، ووزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني، الدكتور جواد ناجي، ممثلاً لفخامة الرئيس الفلسطيني، الذي أكَّد خلال كلمته أمام الحضور على الدور الداعم والسبّاق الذي يقوم به أوفيد لدعم الشعب الفلسطيني في شتَّى القطاعات الاجتماعيَّة والصحيَّة والتعليميَّة والاقتصاديَّة.. كما شكر الدكتور ناجي نيابة عن فخامة الرئيس الجهود الحثيثة لمجلس أوفيد الوزاري تجاه الشعب الفلسطيني.
أما الحربش فقد أكَّد بدوره على دور أوفيد التاريخي الملتزم بالقضية الفلسطينيَّة والمحافظة على العلاقة الدائمة مع الشعب الفلسطيني.. كما أشار إلى إمكانية التوسع التام في المساعدات بعد نيل فلسطين استقلالها الكامل.
ويحوي قسم أوفيد للجراحة سبع غرف جديدة للعمليات مجهزة بأحدث الأسرة والأجهزة الطّبية.
ويقع المستشفى الأهلي على أرض مساحتها 28500 متر مربع، ويحوي الأهلي 305 أسرّة ويعمل فيه 520 موظفًا.
وتضمنت الزيارة الرسمية التي استغرقت خمسة أيام وبدأت بالعاصمة الأردنية، عمان، توقيع اتفاقية منحة قدرها 200 ألف دولار أمريكي، وقعها مدير عام أوفيد مع رئيس جامعة الأردن، الدكتور اخليف الطراونة، بحضور الدكتور عدنان بخيت، مدير مركز الوثائق والمخطوطات بالجامعة.. وتهدف هذه المنحة إلى تمويل مشروع ينفذه مركز ترميم المخطوطات النادرة ووثائق القدس بهدف الحفاظ على هوية المدينة المقدسة وسكانها الأصليين.. إضافة إلى ذلك وقّع الحربش على اتفاقية منحة تبلغ قيمتها 2.5 مليون دولار أمريكي مع مارجوت إيلز، نائبة المفوض العام للأمم المتحدة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).. وتهدف هذه المنحة إلى المشاركة في تمويل برنامج من شأنه أن يساعد على تحسين نوعية التَّعليم لنحو 1.600 تلميذ في ثلاث مدارس في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية.. كما قام الوفد بزيارة مدارس شعفاط وقرية بودروس في شمال غرب القدس، حيث غرست شجرة باسم السيد الحربش وأوفيد في بستان زيتون خصص (لأصدقاء الأونروا).. علاوة على ذلك، فقد وقّع الحربش أربع اتفاقيات منح تبلغ قيمتها الإجماليَّة 3.3 مليون دولار أمريكي مع الممثل الخاص لمدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج مساعدة الشعب الفلسطيني، فرود ماورنج، وذلك لتمويل المشروعات والبرامج كما يوضحها البيان التالي:
- منحة قدرها 500 ألف دولار أمريكي لتزويد مستشفى سانت جوزيف في القدس الشرقية بشبكات توليد الطاقة الشمسية ومن ثمَّ معالجة انقطاع الكهرباء وخفض تكاليف التشغيل.
- منحة قدرها 1.5 مليون دولار أمريكي لتجديد وإعادة تأهيل 200 وحدة سكنية تمتلكها نحو 1.500 أسرة فقيرة مهمشة في القدس الشرقية.
- 500 ألف دولار أمريكي لإنشاء قسم الأعصاب في مستشفى المقاصد لتلبية احتياجات السكان المتزايدة في القدس الشرقية، 800 ألف دولار أمريكي لتجديد وتوسعة مرافق رعاية الأم في قطاع غزة.
وقد قام وفد أوفيد بزيارة تفقدية لمواقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج مساعدة الشعب الفلسطيني التي تَمَّ تجديدها في إطار مشروع إعادة تأهيل الوحدات السكنية في القدس الشرقية، فضلاً عن زيارة عدد آخر من مواقع مشروعات برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني الجاري تنفيذها في المدينة.
وفي ختام الجولة الرسمية قام وفد أوفيد بزيارة المقر الرئيس لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، حيث تَمَّ التوقيع على اتفاقية منحة بقيمة 100 ألف دولار أمريكي مع السيدة ريما ترزي، رئيسة مجلس مشرفي المعهد، لدعم أنشطة المعهد الثقافية والأكاديمية التي تعمل على تشجيع الإبداع والابتكار والتنوع الثقافي والصمود بين الأطفال الفلسطينيين بهدف المحافظة على الإرث الثقافي ودوره في صيانة الشخصيَّة الفلسطينيَّة.
وفي ختام مراسم توقيع الاتفاقية شهد الحربش والوفد المرافق عرضًا موسيقيًا قصيرًا أعده طلاب المعهد خصيصًا لهذه المناسبة بحضور محافظ مدينة القدس، عدنان الحسيني، وعدد من كبار ممثلي شركاء أوفيد في فلسطين، أعقبه حفل استقبال أكَّد خلاله المدير العام على أهمية الحفاظ على الهوية الوطنيَّة للشعب الفلسطيني من خلال مثل هذا النشاط.
وجدير بالذكر أن الجمعية العامَّة للأمم المتحدة قد أعلنت في قرارها رقم 12-68-A، الصادر في 26 نوفمبر - تشرين الأول 2013، العام 2014 سنة دوليَّة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويحتفل أوفيد هذا العام بهذه المناسبة من خلال التركيز على دوره في دعم الشعب الفلسطيني.
ومن المعلوم أن الشراكة بين أوفيد وفلسطين قد بدأت منذ عام 1979، وتَمَّ تفعيلها بشكل أكبر عام 2002 بالتزامن مع بداية تنفيذ البرنامج الخاص بتقديم المنح لفلسطين.
وقام أوفيد خلال السنوات الماضية بتقديم ما يزيد على 480 منحة لدعم مشروعات وبرامج في مختلف المجالات كالزراعة والتَّعليم والصحة والطاقة والصناعة والمياه والصرف الصحي. وتجدر الإشارة إلى أن أوفيد هو مؤسسة تمويل إنمائي حكومية دوليَّة أنشأتها الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في عام 1976م.
ويهدف أوفيد بشكل أساسي إلى المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصاديَّة للبلدان التي تقبع تحت ضائقة اقتصاديَّة.. وقد قدم أوفيد منذ إنشائه حتَّى نهاية مارس - آذار من هذا العام ما يناهز 17 بليون دولار أمريكي لدعم التنمية في 134 بلدًا في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وكذلك منطقة البحر الكاريبي والشرق الأوسط وأوروبا، موليًا أولوية قصوى لأشد البلدان فقرًا.