أكدت البنوك السعودية أن تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة سيظل رهينا بتنظيمها محاسبياً وطالبت البنوك تلك المنشئات بضرورة الاهتمام بدراسات الجدوى الاقتصادية والقوائم المالية كما شدد مختصون على أهمية ترتيب تلك المنشآت لأوضاعها وتنظيم نفسها أن ترغب في إقناع البنوك بتمويلها حيث تعتمد البنوك في منح الائتمان على دراسة السجلات المالية والحسابات الختامية المنتظمة والمعتمدة من مراجعي الحسابات المعتمدين ، وهو ما لا يتوافر في غالبية المنشآت، والتي يفضل غالبية أصحابها عدم إمساك دفاتر منتظمة لضعف الإمكانات وانخفاض حجم النشاط، ويكتفون بالاعتماد على سجلات إحصائية شخصية.
وقال أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت حافظ لـ«الجزيرة» إن بعض المنشآت الصغيرة تواجه صعوبات عدة تتعلق بضعف خبرتها في مجال إدارة الأعمال، والتعامل مع معطيات السوق المتغيرة مما يعرضها للمخاطر، وعدم الدراية الكافية بأساليب التسويق، وعدم سلامة الهيكل التمويلي لهذه المنشآت، إلى جانب عدم وجود دراسات جدوى سليمة وموضوعية». وأضاف: من أهم متطلبات البنوك لمنح الائتمان وجود دراسة جدوى للمنشأة المطلوب تمويلها وغالباً لا توجد لدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة دراسات جدوى بالمستوى المطلوب، وذلك نظراً لارتفاع تكلفة إعدادها والتي تصل في بعض الأحيان إلى أرقام عالية لا يستطيع أصحاب تلك المنشآت تقديمها، خاصة في ظل عدم وجود جهة معتمدة لإعداد دراسات الجدوى لتلك المنشآت يمكن أن تحظى بثقة البنوك وأن تكون تكلفتها منخفضة». وأكد حافظ أن غالبية المنشآت تتسم بارتفاع درجة المخاطر، نظراً لطبيعة تكوينها والتي تعتمد في الغالبية على شخص واحد أو عائلة واحدة، إضافة إلى ضعف المراكز المالية، مما يعيق تمويلها من قبل البنوك، حيث تهتم البنوك دائماً بتمويل المنشآت ذات المخاطر المنخفضة. وشددّ حافظ على أن من المعالم الأساسية للمنشآت الحاجة إلى التمويل من الغير، حيث من الصعوبة الاعتماد على التمويل الذاتي، وهذه المسألة تمثل معوقات أساسية تحد من نجاحها، ولاسيما في المراحل الأولى حيث الربحية القليلة والأعباء الثابتة، مطالباً القائمين على تلك المنشآت بضرورة الاهتمام بدراسات الجدوى الاقتصادية والقوائم المالية والضمانات، والتي تعد جميعها من متطلبات الحصول على الائتمان من البنوك التجارية. وأكد حافظ أن البنوك السعودية ترغب في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لكنه طالب بضرورة نشر الوعي بأهمية تنظيم المنشآت محاسبياً، وإيجاد كيانات مستقلة لها، بما يضمن حصولها على التمويل وفي الوقت نفسه تقليل المخاطر المترتبة على تمويلها، إلى جانب أهمية تسهيل الإجراءات الحكومية وتنظيم برامج التأهيل لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتمكينهم من الحصول على فرص الأعمال من خلال الشركات الكبرى. من جهته قال رئيس برنامج كفالة المهندس أسامه المبارك لـ»الجزيرة»أن إحجام البنوك عن تمويل بعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة يعود إلى عدة عوامل أبرزها ارتفاع درجة المخاطر المصرفية المرتبطة بتمويل تلك المنشآت، وعدم قدرتها على توفير الضمنات التقليدية اللازمة للحصول على التمويل، مشدداً على أهمية إعداد المنشآت للقوائم المالية التي تعبر عن مركزها المالي ومستوى الأداء التشغيلي للمنشأة، وتقديم المعلومات المهمة لصناع القرار في المنشأة، بهدف اتخاذ القرارات التشغيلية وإعداد استراتيجية الإدارة والحصول على التمويل من البنوك. وأرجع المبارك فشل بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى عدة تحديات تتمثل في عدم القدرة على المنافسة وغياب دراسة الجدوى الاقتصادية وعدم القدرة على التخطيط المالي والإداري، وأضاف: لمواجهة تحديات هذه المنشآت يعمل برنامج كفالة تزويدها بشروط الحصول على التمويل بكفالة البرنامج، مثل دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وإعداد خطة العمل والقوائم المالية المدققة وصولاً إلى كيفية طلب التمويل الموجود لدى المصارف التجارية المتعاونة مع البرنامج». وبينّ المبارك، أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في الحصول على التمويل من البنوك التجارية في مختلف دول العالم، بسبب أن تلك المنشآت تحتاج للائتمان طويل الأجل الذي تفضل البنوك على الأغلب عدم اللجوء إليه، تخوفاً من تعرض هذه المنشآت للتعثر وعدم قدرتها على الالتزام بالسداد في المواعيد المحددة، مشيراً إلى أن «كفالة» لعب دوراً فاعلاً في توفير الضمانات اللازمة للبنوك لتمويل هذه النوعية من المنشآت، وذلك من خلال كفالة 80% من التمويل الممنوح للمنشأة، الأمر الذي شجع البنوك المتعاونة مع البرنامج على زيادة حجم التمويل الممنوح.