اهتز سكان محافظة صفاقس على تفاصيل خبر انفجار قنبلة يدوية الصنع بأحد المنازل بضاحية المدينة قام به أحد الطلبة بتسوغه منذ مدة، وكان الجميع يعتقد أن الدوي القوي الذي سمع صداه في كافة أرجاء المحافظة مردّه انفجار قارورة غاز، إلا أن أعوان الحماية المدنية الذين حلّوا بالمكان أكَّدوا عكس ذلك أمام استغراب الأهالي المتجمعين حول المنزل.
ساعة واحدة بعد الانفجار وتحويل المصابين إلى المستشفى، كشف أعوان الأمن بأن المنزل المعدُّ للكراء كان في حقيقة الأمر يأوي عناصر من تنظيم أنصار الشريعة المحظور استغلوا البيت للإعداد لتنفيذ مخطط إرهابي خطير كان يستهدف مؤسسات عمومية بالجهة.
وأفادت وزارة الداخليَّة في بيان لها أنه خلال محاولة لبعض العناصر التكفيرية التحضير لصنع قنابل تقليدية الصنع وقع انفجار داخل منزل متسوغ، وبأنه بالتدخل السريع لوحدات الحرس الوطني تَمَّ القبض على عنصرين أحدهما له إصابات مختلفة، وبمواصلة الأبحاث تَمكَّنت الوحدات المختصة للحرس الوطني من إيقاف بقية الخلية المتكوّنة من ثمانية عناصر، كما تَمَّ حجز كمية من مادة الأمونيتر والمواد الأولية المستعملة في عمليات التفجير.
وأوضحت وزارة الداخليَّة أن عناصر هذه المجموعة ينتمون إلى تنظيم أنصار الشريعة المحظور مبيِّنة أنها كانت تُعدُّ لمخطط إرهابي لاستهداف مؤسسات حيويَّة بمدينة صفاقس.
وقالت مصادر متطابقة: إن العناصر التي تَمَّ إيقافها تنتمي إلى إحدى الخلايا الإرهابيَّة «النائمة» التي تجد قوات مكافحة الإرهاب في البحث عنها وملاحقتها، فيما عدّ المراقبون أنَّه لا يجب الاطمئنان إلى فكرة النجاح في القضاء على بؤر الإرهاب والجماعات المسلحة، طالما أن الخلايا النائمة بصدد التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية أخرى.
وفي سياق آخر، أكَّد رئيس الحكومة المهدي جمعة بأن زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية حقّقت أهدافها المرجوة على اعتبار الصورة الإيجابيَّة التي تتمتع بها تونس في أمريكا واصفًا لقاءه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وكبار معاونيه «بالمجدي».
جمعة استعرض حصيلة زيارته إلى أمريكا التي أثمرت عن دعم البيت الأبيض لتونس بغرض إنجاح تجربتها الديمقراطية من خلال تلقيها دعمًا ماليًّا أمريكيًّا لضمان قرض بقيمة حوالي 400 مليون دولار أمريكي.
وقال رئيس الحكومة: « هناك تعاون أمني مع الولايات المتحدة الأمريكية ونريد تكثيف هذا الجهد لضبط حدودنا لأن واشنطن تعي جيّدًا أن التجربة التونسية لن تنجح إلا بتوفير الأمن والاستقرار.
وبالرغم من إجماع الطبقة السياسيَّة على نجاح الجولة الخليجيَّة والأمريكية لرئيس الحكومة، إلا أن أصواتًا تعالت من هنا وهناك تشير إلى أن المهدي جمعة، أضحى يعمل لصالح طموحاته السياسيَّة، من ذلك أن البعض تساءل: هل أن أمريكا تدعم تونس أم تدعم جمعة؟
وكأنه كان يُتوقَّع مثل هذه الهجمات غير المسبوقة، رد جمعة بالقول: إنّه يريد خدمة الاقتصاد الوطني وبناء علاقات اقتصاديَّة إستراتيجية مع شركاء تونس، مضيفًا أن هدف حكومته هو خدمة تونس بشكل جدي ومعالجة ما يمكن معالجته، مشيرًا إلى أن «آفاقنا كبيرة في ظلِّ وجود رغبة خارجية من شركائنا لدعمنا.
والحقيقة -كما يراها المتتبعون للشأن المحلي- أن الفريق الحكومي المستقل للمهدي جمعة الذي مضى عليه أكثر من شهرين منذ تسلّمه السلطة بتوافق وطني استثنائي، وجد على طاولته أكداسًا من الملفات العالقة التي تستوجب معالجتها الكثير من الصبر والحنكة، ومنها أساسًا الملف الاقتصادي والأمني، خاصة أمام تدهور المؤشرات الاقتصاديَّة وارتفاع المديونية مقابل اشتداد المطلبية والتمسُّك بالترفيع في الأجور في هذا الظرف الحرج الذي تمر به البلاد.
وكان المجلس التأسيسي انطلق أمس الاثنين في مناقشة مشروع القانون الانتخابي وسط جدل كبير حول فصله الخامس عشر المتعلّق بالإقصاء السياسي لرموز النظام السابق، حيث يصر المدافعون عن الفصل المذكور على تمريره استجابة لمطالب الثورة، فيما يراه معارضوه بابًا لعزل فئة من التونسيين من المشهد السياسي وحرمانهم من حقهم في الإسهام في المرحلة الانتقالية.
ويرجّح المحللون السياسيون إمكانية تمرير هذا الفصل من القانون الانتخابي على خلفية تراجع بعض نوَّاب الأحزاب التي تعارض المشروع عن مواقفهم الرافضة له بعد أن كانت كتلهم النيابية بالمجلس أعلنت وقوفها ضد تمرير الفصل 15 من القانون الانتخابي الجديد. وهو مؤشر على اندلاع نزاعات جديدة قديمة داخل المجلس التأسيسي من شأنها مزيد عرقلة المصادقة على القانون برمته وبالتالي صعوبة التوافق بخصوص تحديد الموعد النهائي لتنظيم الانتخابات مما سيجعل مهمة الهيئة المستقلة للانتخابات أكثر صعوبة.. وربما يُؤدِّي إلى مخالفة الدستور الجديد وتأجيل إجراء الانتخابات وما قد ينجر عن ذلك من تراجع شركاء تونس الغربيين عن تفعيل وعودهم تجاهها.