بالأمس وأنا أتصفح التقرير السنوي للمفوضية الأوربية حول مجمل المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها -المواطن الأوربي- من خلال المنتجات المعروضة في أسواقه، تمنيت أن يكون هناك تقرير سعودي مشابه!
ما الذي يمنع أن تكون تقاريرنا السنوية بعيدة عن الحشو وأرقام الواردات والصادرات من معاملات ومنتجات، التي قد لا تهم -المستهلك البسيط- الذي يبحث عن مرجعية علمية وقانونية مبسطة -مدعومة بالصور- لحمايته من الغش التجاري، والتغرير، وتوضيح المخاطر الاستهلاكية، والخطوات القانونية اللاحقة!
الأمر ليس صعباً، والتحجج بضعف ثقافة المجتمع -غير راجح- لأن مثل هذه الثقافة تُخلق من قبل الجهات الرقابية نفسها، التي تمنح المستهلك الثقة أولاً، ليراجع موقفه ويطالب بحقوقه، وتجربة وزارة التجارة مع بعض المنتجات الرديئة خير دليل، إلا أنها تظل -يتيمة- وغير كافية ولا تلبي الطموح، مما يتطلب وجود مرجعية واضحة وشاملة لقياس الأمور بشكل دوري ومستمر، لتشمل معظم إن لم يكن كل المنتجات الاستهلاكية المعروضة!
أعتقد أنه حان الوقت لتصدر -وزارة التجارة- دليلاً مبسطاً ومصوراً لمعايير الجودة حسب -تصنيف سعودي خاص- لمجمل السلع والمنتجات المعروضة في الأسواق يعتمد على التقارير الأولية والمخاطر التي يمكن أن تنتج عن الاستهلاك أو الاستيراد الخاطئ لبعض السلع، خلاف ما تقوم به -هيئة المواصفات والمقاييس- التي يبدو أن دورها تقليدي، والمشوار أمامها -طويل جداً- لتقترب من حجات الناس، ويفهم المستهلك دورها بشكل أوضح!
تخيل أنه في الوقت الذي اعتمد فيه الأوربيون نظام (Rapix) فيما بينهم للتحذير وتبادل المعلومات حول المنتجات الخطيرة، لا تزال بعض الجهات لدينا عاجزة عن تبادل مثل هذه المعلومات من خلال الحوادث التي تنتج بسبب مخاطر بعض السلع، فكيف نتطلع لنظام خليجي موحد لدول المنطقة؟!
الرأي العام الأوربي بما فيه الشركات المصنعة والمستوردة متقبلة للانتقاد السنوي الذي يصدر عن تقارير المخاطر في وسائل الإعلام، بينما نحن ما زلنا نتحسس، وتمنع الكثير من التقارير الصحافية من النشر بسبب -تضارب مصالح الإعلان-!
هل تعلم أن 64% من السلع القادمة من الصين التي رفض الأوربيون استقبالها، تم إعادة تصديرها لدول في الشرق الأوسط، ويمكنك معرفة أين ذهبت من خلال القوة الاستهلاكية للاستيراد.
نحن نعول كثيراً على وزارة التجارة -لتولي هذا الملف- وتقديم دليل أو تقرير سنوي -لمخاطر المستهلك السعودي- دون مجاملة أو مراعاة لأحد، فصحة الناس وسلامتهم أمانة!
وعلى دروب الخير نلتقي.