حلَّ الرئيس الأمريكي، باراك أوباما في الرياض، على متن ايرفورس ون، ومن ثم حملته مارين ون إلى روضة خريم للقاء خادم الحرمين الشريفين في منتجعه الشتوي المعتاد، ومع أن هذه الزيارة كانت مقتضبة، إلا أنها هامة بجميع المقاييس، لا من حيث توقيتها، ولا من حيث سخونة الملفات التي تناولتها، ففي ذلك اللقاء تم الحديث حول ملفات عالمنا الملتهب دوماً بالقضايا الساخنة، فمن التقارب الأمريكي - الإيراني، والذي شعرت دول الخليج بأنه كان قراراً أمريكياً متسرّعاً، إلى الملف السوري، والقضية الفلسطينية، وربما أن الولايات المتحدة أدركت أهمية الدور السعودي لحلحلة هذه الملفات، والمساعدة في تحريكها.
زيارة أوباما - التي تخللها رسائل سياسية غير مباشرة، وقوية في مغزاها- جاءت بعد فتور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، إذ لم تشهد له هذه العلاقات مثيلاً، منذ تدشين هذه العلاقة التاريخية رسمياً، قبل سبعة عقود، ولم يكن سراً أن مواقف إدارة أوباما من الثورة المصرية، ودعمه لتنظيم الإخوان، وكذلك موقفة المتردد، والضعيف مما يجري في سوريا، إضافة إلى تقارب إدارته مع طهران، في الوقت الذي كانت الأخيرة هي الداعم الرئيس لنظام بشار الأسد الدموي كانت كلها مجتمعة سبباً للفتور غير المسبوق، في علاقة الرياض بواشنطن، والتي جاء هذا اللقاء الهام للمكاشفة حولها، وبالتالي إعادة الدفء إلى العلاقة المتأزمة من حوالي أكثر من عام.
وعلى هامش هذه الزيارة، كتبت صحفية أمريكية مرافقة للرئيس أوباما عن انطباعاتها، وقالت إن أحد أعضاء الوفد المرافق لأوباما أكد لها أن خادم الحرمين الشريفين كان خلال اللقاء مع أوباما في كامل حيويته، ونشاطه، وأكد على أن اللقاء بين الزعيمين كان جاداً، ومثمراً إلى أبعد الحدود، وذكرت أن ذات المسؤول أكد على أن علاقات الولايات المتحدة بالسعودية إستراتيجية، وأن هناك مصالح مشتركة بين البلدين، كما هو الحال دوماً، وثمة نقطة جديرة بالاهتمام كتبت عنها هذه الصحفية، إذ استغربت عدم وجود أي إعلاميين سعوديين في كواليس اللقاء، ما يعني أن الفرصة لم تمنح للوفد الإعلامي المرافق لأوباما للقاء من هذا النوع مع نظرائهم السعوديين! ونحن نطرح تساؤلها على أحبتنا المسؤوليين في الإعلام، وخصوصاً الإعلام الخارجي، إذ كيف يخفى عليهم أهمية مثل هذه اللقاءات الإعلامية لتبادل وجهات النظر، وهو الأمر الذي سيساهم حتماً في تصحيح بعض الرؤى المغلوطة، والتي عادة ما يحملها الإعلاميون الغربيون عن المملكة، وفي الختام، نأمل أن تساهم هذه الزيارة، لأهم زعيم عالمي في معالجة بعض القضايا السياسية الهامة، وأن تكون أعادت العلاقات السعودية - الأمريكية إلى مسارها الصحيح، وهو الأمر الذي يؤكّده المراقبون.